لأن الأمر جاد ولأنه صار لا بد من وضع حد لتجاوزات إيران ومحاولاتها التي لا تتوقف للتدخل في شؤون البحرين الداخلية وشؤون دول مجلس التعاون تصدر هذا الملف قائمة الموضوعات التي تمت مناقشتها في القمة الخليجية الأمريكية التي اختتمت الخميس الماضي في الرياض، زاد من وجوب إعطائه الأولوية الحماس الملحوظ من قبل قيادة الولايات المتحدة لتطوير علاقاتها مع إيران إثر الاتفاق في موضوع الملف النووي. ومن هنا أيضاً جاء تصريح حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى والذي أكد من خلاله أن «لدينا أدلة تثبت تدخلات إيران السافرة في شؤوننا الداخلية».
التطورات التي حدثت في العلاقة بين دول مجلس التعاون وإيران والتي أكدت صحة هذه «الادعاءات» هي التي جعلت هذا الموضوع يستأثر بجل الوقت المخصص لمناقشة العديد من الملفات في هذه القمة، وهذا يعني أن دول المجلس وصلت إلى قناعة مفادها أنه حان الوقت لوضع حد لهذا الذي تقوم به إيران وتصر على مواصلته، وأنه حان الوقت لتعلم الولايات المتحدة أن هذه الدول صارت تعلم الكثير مما يدور في كواليس العلاقة بين أمريكا وإيران وأنه صار على أوباما أن ينتبه لكل هذه الأمور كي لا يكون سبباً في الإضرار بمصالح الولايات المتحدة في المنطقة وبعلاقاتها مع دول مجلس التعاون والتي تمتد لعقود.
بقوة قال صاحب الجلالة في كلمته في الاجتماع «إننا في دول مجلس التعاون نواجه تدخلات سافرة من إيران في شؤوننا الداخلية، وتمتد تلك التدخلات إلى سوريا ولبنان والعراق واليمن وغيرها من الدول العربية والإسلامية، وإن مملكة البحرين لديها ما يثبت ذلك من الأدلة فيما يخصها، وهي تدخلات تتنافى وميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حسن الجوار وتنتهك سيادة الدول المستقلة بوسائل متعددة، والتي أجمعت على إدانتها دول مجلس التعاون والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي»، ما يعني أن الوقت قد حان بالفعل لوضع حد لاستهتار إيران وسلوكها المشين. ولولا توفر ما يكفي من أدلة على تدخل إيران في الشؤون الداخلية للبحرين لما وجه صاحب الجلالة هذه الاتهامات الكبيرة إلى دولة جارة تربطها ببلاده مصالح وعلاقات كانت متميزة، ولولا توفر ما يكفي من أدلة على تدخل إيران في شؤون البحرين الداخلية وفي الشؤون الداخلية للعديد من دول مجلس التعاون لما وضع هذا الموضوع على رأس قائمة الموضوعات التي نوقشت في هذا الاجتماع المهم، ولولا هذا لما دان البيان الختامي للقمة دعم إيران للجماعات الإرهابية في البحرين وسوريا واليمن، ولما شدد البيان على التعاون الخليجي الأمريكي في وجه التدخلات الإيرانية في المنطقة، ولما تم اعتماد عبارة أن إيران تزعزع استقرار المنطقة وتدعم جماعات إرهابية. ولولا كل هذا لما قال أوباما إنه «حتى مع الاتفاق النووي ندرك بشكل جماعي أنه لايزال يساورنا القلق من التصرف الإيراني»، ولما نبه إلى «نشاطات مزعزعة للاستقرار تقوم بها إيران في المنطقة»، فأوباما لا يستطيع أن يجامل قادة التعاون على حساب مصالح الولايات المتحدة.
القمة الخليجية الأمريكية عقدت في الرياض «لبحث الاستقرار الإقليمي، وبحث الحرب على الإرهاب، وللجم تدخلات إيران»، ولولا توفر ما يكفي من أدلة على تدخلات إيران ومخططاتها الشريرة لما أضاع قادة التعاون وأمريكا وقتهم في مناقشة هذا الملف ولما اعتمدوا موضوع «الأمن الإقليمي وتهديدات وتصرفات وممارسات إيران في المنطقة» كمحور أساس.
تراجع إيران بانتباهها لنفسها وتصحيح علاقتها بدول مجلس التعاون سيكون دليلاً على نجاح القمة وتمكنها من لجم إيران. «اللجم يعني العمل على وقف نشاط الشخص أو الجهة والحد من امتداده واستمراريته».