كانت الأيام القليلة الماضية حافلةً بفعاليات وأحداث لاشك في أنها تهم البحرين كثيراً، ولو حددنا حدثين مهمين فإننا لن نخرج عن زيارة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، لجمهورية مصر العربية الشقيقة، وزيارة عاهل المغرب جلالة الملك محمد السادس للبحرين.
لطالما كانت -ولاتزال- المغرب ومصر من أكبر الداعمين للبحرين بشكل خاص ولدول مجلس التعاون بشكل عام، بل إن اللقاءات المتعددة التي تشهدها دول مجلس التعاون مع المسؤولين في البلدين الشقيقين تؤكد عمق العلاقات الأخوية الشقيقة ووحدة المصير العربي المشترك، لذلك تأتي رؤية القيادات الخليجية مع المغرب ومصر بشكل متناسق، يدل على مدى التفاهم والتآخي الذي وصلت إليه العلاقات الأخوية الوطيدة والتاريخية، ولا ننسى في هذا الجانب الضلع الثالث المتعاضد مع دول المجلس والمكمل لمثلث العلاقات الأخوية المتميزة، وهي مملكة النشامى، المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة.
تلك الدول الثلاث -مصر والمغرب والأردن- هي من أولى الدول التي نجدها في مقدمة «الفزعة» لشقيقاتها في دول مجلس التعاون، والمواقف عديدة ولا يمكن حصرها جميعاً، ولكننا يمكن أن نستشهد بالمواقف الأخيرة ومنها «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، و«التحالف الإسلامي العسكري»، ووقفة الرجل الواحد عندما يمس دول الخليج العربي أي طارئ، خاصة من إيران التي دأبت على التدخل في شؤون دول الخليج العربي.
ونستذكر هنا موقف المملكة المغربية الشقيقة عندما هبت لنصرة البحرين بعد التدخل الإيراني، ووصل الأمر إلى قطع علاقاتها بإيران في مارس 2009، وذلك ضمن مواقف إيرانية عديدة ساهمت في توتر العلاقات بينها وبين المغرب، قبل أن تعود العلاقات بين البلدين العام الماضي، وموقف الأردن عندما استدعت سفيرها في طهران للتشاور في أبريل الحالي، بعد حادثة اعتداء غوغائيين على البعثة الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد، وهي نفسها المملكة التي وقفت بالمرصاد للهلال الإيراني الذي أراد أن يجعل الخليج العربي في كماشته، بعدما سيطر بشكل أو بآخر على دول عربية، ولكن هذا «الهلال» عندما وصل إلى «النشامى» جعلوه معتماً، أما مصر فمواقفها كثيرة جداً، ولقد وجدنا في البحرين والخليج العربي الحصن المنيع والشقيق الصادق في وقوفها معنا في أزمة 2011، فمصر كانت وستبقى دائماً خير معين لمنطقة الخليج العربي، وهي تمثل بعداً استراتيجياً وركيزةً للاستقرار وصماماً للأمان في المنطقة في وجه كل من يحاول العبث بأمن خليجنا أو يتدخل في شؤونه، لذلك هناك نوع من الخصوصية في العلاقات الأخوية بيننا وبين مصر.
وفي المقابل، فإن دول مجلس التعاون لم تقصر تجاه المغرب ومصر، بل كانت السند الدائم لهما في مختلف الظروف، وتمكنت اللجان والمجالس المشتركة بين دول الخليج العربي ومصر والمغرب من تفعيل التعاون والتقارب، وساهمت في توطيد العلاقات وتعزيزها في مختلف المجالات، خاصة التجارية، ونحن في البحرين لدينا مجلس مشترك مع مصر التي تعد شريكاً اقتصادياً مهماً مع مملكة البحرين، حيث ارتفعت قيمة الاستثمارات البحرينية في مصر إلى ما يزيد عن 1.7 مليار دولار.
أما المغرب فكان على الدوام نعم السند والمعين للبحرين ولدول الخليج العربي، وتشهد العلاقات الحالية فترة ازدهار حقيقية وتطوراً كبيراً، فالبحرين مرتبطة بأكثر من 50 اتفاقية مع المغرب، عشر منها وقعت خلال الأعوام الأربعة الأخيرة، حيث كان هناك تركيز على قطاعات نوعية تهم المجالات الأمنية وحقوق الإنسان وغيرها، مما يؤكد سعي البلدين الشقيقين إلى تنمية العلاقات وتطويرها في مختلف المجالات.
وكان المغرب قبل أيام قليلة في عمق المشهد الخليجي، عندما شارك ملكها العاهل محمد السادس أشقاءه قادة دول مجلس التعاون في قمة الرياض، وكان المجلس واضحاً في بيانه الختامي للقمة بشأن دعم دول المجلس للمغرب وتضامنها معه في قضية الصحراء المغربية، وهذا الدعم الخليجي للمغرب يؤكد وحدة القضايا الإقليمية ويعطي دفعة جديدة للشراكة الاستراتيجية بين الرباط ودول مجلس التعاون الخليجي، التي تشكل معاً تكتلاً استراتيجياً موحداً.
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}