يبدو أن هنالك مجموعة من الهموم «المحرقاوية» تعتمل داخل صدور أهالي المحرق، وهي عبارة عن تطلعات وأمنيات ورؤى وتصورات وأحلام، كلها تصرخ بصوت واحد لإنقاذ وتطوير هذه المدينة الخليجية العتيقة، فالمحرق لا تستحق الإهمال ولا تستحق النسيان، كما أن أهلها الطيبين يستحقون الكثير من السخاء الرسمي بالالتفات إلى قضاياهم وهمومهم وتطلعاتهم نحو واقعٍ أفضل.
مطالب أهالي المحرق فيما يتعلق بتطوير مدينتهم ربما لا تختلف عن مطالب سواهم، فالإسكان وهمومه، والشوارع الضيقة وتعطل سوقهم بفعل الكثير من أعمال الآثار التي منعتهم أن يجدوا متسعاً للبيع والشراء بانسيابية لأجل حصولهم على أرزاقهم عبر هذا السوق الوحيد الذي لم يعد متاحاً لهم بالكامل، وكذلك من خلال غزو الآسيويين ومزاحمتهم لهم في أرزاقهم، إضافة لعدم تطوير مداخل ومخارج مناطقها المصممة منذ عشرات الأعوام التي لم يمسها أي تغيير يذكر إلا في المناطق والمدن الجديدة جداً.
هنالك الكثير من المشاريع التي لم تتجاوز الورق، كما أن هنالك مشاريع إسكانية تنتظر النور، إضافة لحاجة أهالي المحرق لأماكن الترفيه عبر تطوير الحدائق وإنشاء المزيد المنتزهات. وبما أن المحرق جزيرة تطل على البحر، إلا أنها تكاد تخلو من السواحل التي يرتادها الناس، ولهذا فهي شبه جزيرة، لكنها أيضاً مدينة قديمة دون سواحل بقوة الفعل، فالكثير من التطوير يترقبه أهل هذه المدينة التي كانت يوماً مسرحاً للتجارة والغوص واللؤلؤ والمرجان، فالمحرق تمثل الذاكرة الوطنية لمن يتعمد أن يهمل ذاكرته، وهي الذاكرة الجمعية لمن فقد الذاكرة.
ليس هذا وحسب، بل يعتقد «المحرقاوية» أن حجم التعطل والشلل الذي أصاب مشاريع التطوير لديهم إضافة لكمية الإهمال الذي أصابهم بسبب نسيان جزيرتهم الجميلة أكبر بكثير من حجم العمل الذي يقوم به أعضاء المجالس البلدية وحتى نواب المحرق، فكل شيء في المحرق أصبح «مكانك سر»، وكأن ما ينقص أهاليها هو الصمت وإدارة ظهر المسؤولين عن الرغبات المشروعة والأماني الحقة لأهالي المحرق!
بلا شك ولا ريب أن معاناة المحرق كبيرة للغاية، وأن تطويرها يحتاج لمزيد من المصارحة والشجاعة معاً، كما أن وعي المسؤولين والبلديين ونوابها بأن المحرق لم تعد محرق «الستينات» بل هي المحرق التي توسعت وزاد عدد نسماتها أضعافاً مضاعفةً، تحتاج لفكر يستوعب هذه النظريات الجديدة المتعلقة بهذه المدينة المنسية، ولهذا فإن العقلية القديمة التي تعتبر المحرق مجرد منطقة عبور «للمطار» لا يمكنها أن تقرأ التغيير الجغرافي والديمغرافي الذي طال المحرق بشكل لافت، ولهذا يجب أن تتوحد الأنظار الرسمية كلها وتتوجه أعينهم لأبرز وأهم المناطق العربية -المحرق- من أجل مزيدٍ من الحب والاهتمام والرعاية.