ما قاله الجنرال رحيم صفوي مستشار خامنئي للشؤون العسكرية أخيراً فيما يتعلق بـ«حزب الله» ونظام الأسد من أن «بلاده ضمنت استراتيجيتها للعشرين سنة المقبلة دعم الأول ليصبح أكبر قوة في لبنان ومنع سقوط الثاني»، لم يكن مفاجئاً ولا مثيراً ولا كشفاً عن سر من الأسرار حيث المعروف والأكيد هو أن إيران تعتبر هزيمة الأسد هزيمة لها وتعمل بكل قوتها على مساندة هذا النظام الدموي الذي يتعامل مع شعبه على أنه عدو، وتعتبر نفسها المسؤول الأول عن «حزب الله»، وبالتالي فإن عليها تمكينه وتطويره حتى يغدو القوة الأولى في لبنان، ويصير الحاكم الفعلي له، ويتحول رسمياً إلى أداة إيرانية، فهذان الأمران لو تحققا صارت سوريا ولبنان معاً في يد إيران، مثلما صار العراق في يدها، وصار من ثم الطريق إلى السيطرة على الخليج العربي سالكاً، خصوصاً مع الضوء الأخضر الممنوح لها من قبل الولايات المتحدة إثر الاتفاق النووي الذي رفع بموجبه عنها العقوبات واستعادت أمولاً لا تعد ولا تحصى يمكنها بها تدمير الكون بأكمله.
حسب صفوي فإن إيران «تعمل على تعزيز دعم «حزب الله» حتى يبلغ الاكتفاء الذاتي مالياً وعسكرياً ويصبح القوة الكبرى في لبنان، وأنها تعمل على تحقيق ذلك تحت أي ظرف في المشهد اللبناني»، وبحجة منع تقسيم سوريا تعمل إيران على منع سقوط نظام الأسد. أيضاً لم يكن مفاجئاً ولا غريباً زعمه أن «التحالف الدولي المعلن أنه ضد الإرهاب حقيقته أنه ضد إيران وأن أمريكا تقف وراء زعزعة الاستقرار السياسي في البحرين والعراق وسوريا واليمن وأفغانستان ولبنان بسبب دعمها للدول العربية وإقامة قواعد عسكرية في المنطقة». أيضاً لم يكن غريباً ولا مفاجئاً دعوة صفوي بلاده إلى إعادة النظر في العلاقات الاقتصادية والسياسية والأمنية مع تركيا ووصفها بالصديق لأمريكا وإسرائيل و.. الدول العربية، فإيران تريد من الجميع أن يكونوا تحت هيمنتها وإلا اضطرت لمعاقبتهم.
كل ما قاله الجنرال المذكور لم يكن مفاجئاً ولم يعد من الأسرار لأن العالم كله صار يراه رأي العين، بل إن الرئيس الإيراني حسن روحاني نفسه قال قبل أيام في خطاب رسمي إنه «لولا إيران لانتهت سوريا والعراق وتم تقسيمهما». وبالتأكيد لولا إيران لانتهى «حزب الله» منذ زمن.
اليوم وبعد فشل كل محاولات إيران الضحك على الذقون ومحاولاتها القول إنه لا علاقة لها بتطورات الأحداث في أي مكان في العالم صارت تلعب على المكشوف وتصرح من غير حساب، لذا فإن أي مسؤول إيراني، كبيراً كان أو صغيراً، صار يستطيع أن يصرح بحرية ومن دون تردد، فلم يعد هناك أسرار ولم يعد هناك ما يستدعي التخوف وعدم التعبير بوضوح عن الأهداف والمرامي، فـ«كل شيقن انكشفن وبان». لذا لن يكون مستغرباً بعد قليل أن يخرج المسؤولون الإيرانيون بتصريحات تؤكد دعم إيران لجمعيات سياسية وأفراد لقلب أنظمة الحكم في العديد من الدول، منها البحرين، التي ظلت تنكر وتحلف بأغلظ الأيمان أنه لا علاقة لها بما حدث ويحدث فيها لا من قريب ولا من بعيد، وأن كل ما يقال في هذا الصدد عنها مجرد أقاويل واتهامات باطلة يراد منها الإساءة ولخدمة الإمبريالية.
اليوم صارت إيران تدرك أنها كلما أوغلت في الخطأ كلما قل مصدقوها وقل شأنها بين الأمم، وتدرك أنها كلما انكشفت مراميها كلما صار صعباً عليها تمرير القصص التي ظلت تبذل جهدها لتمريرها، لذا لم يعد أمامها سوى العمل على المكشوف والقول بكل وقاحة إنها تعمل على أن يصير «حزب الله» القوة الكبرى في لبنان وعلى عدم سقوط نظام بشار الأسد.