ليس هنالك من خيار للشباب العربي اليوم غير أن يكون رائداً في كل المعارف والعلوم، وليس هنالك خيار أفضل من أن يقوم بتهيئة نفسه لدخول معترك الصراع الحضاري والثقافي والعلمي بعيداً عن الدخول في متاهات السياسة والصراعات الحزبية والابتعاد عن كل الطرق التي تؤدي إلى العنف.
خمسة أعوام مضت أو أكثر على ما يسمى بـ«الربيع العربي» دون أن يحقق شباب العرب بعض إنجازاتهم وطموحاتهم وتطلعاتهم وآمالهم للمستقبل، فغالبية هؤلاء الشباب انخرطوا في أعمال عنف وفوضى وربما وصل الكثير منهم إلى تبني قيم مغلوطة عن السياسة والدين أدت في نهاية المطاف إلى أن قاموا بعمليات إرهابية داخل وخارج أوطانهم على حساب واقعهم ومستقبلهم، فبدل أن يقوموا بالتحدي عبر تسلق سلم الجامعات لإكمال دراساتهم العليا، أو الاهتمام بقادم الأيام واكتشاف ذواتهم وتفجير طاقاتهم في طريق العلم، قاموا بتفجير أجسادهم وأجساد غيرهم في الطريق «الغلط»، فخسروا أنفسهم وخسرتهم أوطانهم وأسرهم.
نحن لا يمكننا أن نطالب الشباب العربي أن يعتزلوا السياسة أو ينعزلوا بعيداً عن الصراعات التي يرونها ماثلة أمام أعينهم كل لحظة، فهم في نهاية المشوار جزء من هذه المجتمعات والصراعات، لكن ما يمكن أن يذهب إليه هؤلاء الشباب هو أن يقوموا بترتيب أولوياتهم حسب ما يخدمهم ويخدم مصالح أوطانهم، فلا يمكن أن يترك الشاب العربي مقعد دراسته لأجل أن ينخرط في العمل السياسي أو أن ينضم إلى أحزاب وتيارات سياسية ولو على حساب مستقبله في وقت مبكر جداً، فهذه من الأخطاء الاستراتيجية التي يقوم بها الكثير من شبابنا، إما طلباً للنجومية أو بسبب تحريض بعض السياسيين لهم من أجل الخروج من فضاء المستقبل إلى المجهول، وذلك عبر تزيينهم المسالك السياسية الوعرة ولو على حساب العلم والوطن.
شاهدنا خلال الأعوام الماضية حجم الكارثة الحقيقية وبالأرقام حول التحاق شبابنا العربي بالجماعات الإرهابية في كل العالم، وكيف تمكنت التيارات السياسية المتطرفة من استمالتهم وتجنيدهم عبر عزلهم عن المجتمع السوي إلى حيث الفكر الظلامي المنحرف، فكانت الأعوام الـ5 الماضية بالنسبة إلى الأهداف التي خسرها الوطن العربي بسبب اختطاف الشباب نحو معارك لا يملكون فيها ناقة ولا جمل، كارثية بامتياز، وهنا ربما تلام أكثر من جهة في هذا الملف الأكثر تعقيداً في عالمنا العربي المعاصر.
لا نعلم هل انقطع خيط الأمل أم مازال صامداً في أجندة شبابنا العربي؟ وهل بالإمكان أن نحافظ على البقية منهم قبل أن تجرفهم أدوات الإرهاب والعنف نحو منزلقات أكثر خطورة وشراسة؟ أم أن الوقت قد فات وكل أمل قد مات؟
نحن من واجبنا أن نصرخ بصوت مرتفع إلى آخر رمق في حياتنا من أجل أن نعيد شبابنا العربي إلى مقاعد الدراسة والأماكن الطبيعية التي من خلالها يمكن أن تبنى بهم الأوطان لا أن تهدم في لحظة سكر سياسي قد نخسر كل شبابنا في غمضة عين حين لا ينفعنا الندم.