الشعور بالغيرة عنوان نسائي بامتياز، فالدراسات السيكيولوجية تشير إلى أن الرجال لا يتعاملون مع بعضهم من بواعث الغيرة، بل من منطلق التنافس وإثبات الذات. أما المرأة فإن ما يسيطر على تفكيرها لسنوات طويلة هو الرغبة بالتفرد والتميز بين النساء المحيطات بها تحديداً.
ولذلك تشتكي كثير من النساء من غيرة زميلاتهن النساء، وذلك لأن كثيراً من النساء يعانين من فرط داء الغيرة الذي قد يتجاوز المشاعر المشحونة إلى السلوكيات الانتقامية.
كم هو محرج أن تسمع من زملائك الرجال في مجال العمل أو أي مجال تشترك فيه معهم شكاوى وتبرم من تعطل سيرورة العمل بسبب المعارك النسائية الناتجة عن الغيرة فيما بينهن. يعبر بعض الرجال عن استيائهم من العمل تحت رئاسة المرأة، لا من باب عنفوان الرجولة، ولكن من باب القلق من السلوكيات النسائية الانفعالية، حسب تصور بعض الرجال.
صور الغيرة النسائية عديدة، وبعيداً عن المظاهر التقليدية والتاريخية المتمثلة في الغيرة من الجميلات والصغيرات والغيرة على الرجال من النساء العابرات أو القارات، فإن الغيرة النسائية تتطور بتطور الحياة وتتغير بتغيرها.
فقد صارت النساء تغير من بعضهن بسبب النجاح أو الترقي أو الشهرة أو القدرة على الإنجاز المهني والاجتماعي. وتلك مواقع كان يُعتقد أنها لا تستهوي عاطفة النساء، ولكن يبدو أن العاطفة النسائية أوسع من أن تحدها جغرافيا أو حتى فكرة.
إحدى الدراسات النفسية التي اطلعت عليها تحيل أسباب الغيرة عند المرأة إلى نمط الحياة الهش الذي تعيشه، فهي دائما بحاجة إلى الحماية والرعاية أيا كان وضعها الاجتماعي، لذلك تشعر المرأة في قرارة نفسها بالضعف وقلة الحيلة، وبالاستهداف الذكوري والاجتماعي. وفي نطاق العمل والإنجاز تشعر ألا مكان لها في القمة وأن تواجدها بالقرب من القمة هو استثناء. لذلك تزيد عدوانية المرأة في معاركها وتزداد العدوانية ضراوة حين يكون الخصم امرأة.
وعلى كل حال ستبقى الغيرة النسائية سنة كونية وستبقى المعارك النسائية سبباً في الإزعاج والتندر أحياناً. لكنها لن تكون أبداً بخطورة المعارك الرجالية التي طالما دمرت الحجر وأهلكت البشر.