يوم السبت إجازة، تستيقظ وإذا في هاتفك اتصالات من الصباح الباكر، لتكتشف أنها من مجلس الوزراء.
تتصل فيخبرك المسؤول المتصل بشكر وتقدير صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان رئيس الوزراء الموقر حفظه الله ورعاه على مقال يوم أمس «إن حبتك عيني.. ما ضامك الدهر»، وسؤال سموه عن التفاصيل والأمثلة التي بنينا عليها المقال.
ورغم أن المقال عام في طرحه، إلا أن رجلاً بحجم خليفة بن سلمان وخبرته الإدارية الطويلة وحكمته وحصافته وحنكته يدرك تماماً بأن مبعث الكلمات واقع معاش، وأن ما يكتبه الكاتب لابد وأن يكون وليد إما تجربة أو نقلاً لهموم الناس ومعايشاتهم.
وكذلك كان الحال فيما قلنا، من وجود بعض حالات فساد إداري لمسؤولين لم يقيموا للأمانة وزناً، ولا للثقة الممنوحة لهم احتراماً، حينما حولوا القطاعات العامة التي هي أملاك الدولة وقطاعات تخدم الناس إلى ملك خاص بهم، يفعلون ما يريدون فيها، ويتجاوزون بكل أنواع وأشكال التجاوز، يظلمون الناس الذين لا يعجبونهم ولا يتفقون معهم، ويرفعون من شأن البطانة والمتمصلحين.
وما كتبناه يوم أمس وجهنا النداء فيه لسمو رئيس الوزراء، وكالعادة النداء يجد طريقه لسموه، ويأتي بتفاعل معتاد، هو إثبات ودليل على كلام سموه وخطابه في يوم الصحافة العالمي، وترسيخ للمبادئ التي يؤمن بها سموه بشأن دور الصحافة وكتاب الأعمدة الوطنيين، وما يجب أن يضطلعوا به من أجل خدمة الوطن.
كتبنا ما كتبناه يوم أمس يقيناً بأن قيادتنا لا تقبل الخطأ، ولا تسكت عن سوء إدارة وشبهات فساد، وها هو التفاعل يأتي من رأس الحكومة، من القائل للصحافة والكتاب مراراً وتكراراً «انتقدوا خليفة بن سلمان ولكن لا تسيئوا للوطن».
نعم يا صاحب السمو، نحن ننتقد الأخطاء وبعضها في أجهزة الحكومة، وسببها مسؤولون يفترض أنهم أحرص من الجميع على محاربة الأخطاء والتمثل بتوجيهات خليفة بن سلمان، والعمل على تطبيق مبادئ مشروع ملكنا الإصلاحي، والله قيامنا بذلك لأننا «لا نريد الإساءة للوطن» مثلما وجهتم، لأن السكوت عن الخطأ، أو التستر عليه أو التكتم بشأنه والقبول بظلم الناس واللعب بمقدرات المال العام هي «الإساءة» وهي «الجريمة» التي ترتكبها أقلامنا إن رأينا الأخطاء ولم نتكلم.
ليعلم كل مسؤول سواء أكان وزيراً وكيلاً أو مديراً أو غيره، بأن أقلام الحق المخلصة للوطن لا تسكت على الفساد الإداري والمالي، ولا على ظلم البشر، وليعلم بعضهم ممن أوغلوا في هذه الممارسات ظناً بأن المحاسبة والمساءلة لن تطالهم، بأنهم بأفعالهم هم من يسيئون لثقة قيادتنا، هم من يفشلون مشروع ملكنا الإصلاحي وبرنامج عمل الحكومة بقيادة الأمير خليفة، وأننا قسماً بتراب هذه الأرض الطاهرة لن نقبل الإساءة لرموزنا أبداً، مثلما لم نقبلها حينما حاولت الزمرة الانقلابية اختطاف البلد والنيل من نظامه ورموزه، فكذلك الفساد والمفسدون.
رحم الله المسؤول الذي يخاف الله في عمله، الذي يخشى ربه في تعامله مع البشر، الذي يحرص أشد الحرص ألا يظلم الموظفين وألا يميز بينهم إلا بالعدل والاجتهاد، رحم الله المسؤول الذي يعمل ويضع نصب عينيه القسم الذي أداه للدولة، والثقة التي منحت له، بحيث يكون لديه الضمير حياً، الإخلاص شعاراً، والعدل معياراً.
والله لو تخلصت البحرين من كل مسؤول مستهتر إدارياً، أو متلاعب مالياً، أو ظالم للبشر، والله لكانت قطاعاتنا منتجة فاعلة، لكان الموظفون يعملون دون تذمر ولا استياء ولا شعور بالظلم وعدم الإنصاف، بل بدافعية وشعور بالرضا والأمان الوظيفي، لكانت البحرين أجمل وأحلى ولانتهت كثير من المشاكل، لأن مشاكل القطاع العام لدينا -ومن واقع خبرة وبناء على الشواهد- تبدأ دائماً من سوء الإدارة.
في يوم سبت، في يوم إجازة، أغلب المسؤولين بعيدون عن أجواء العمل، يتحرك خليفة بن سلمان، يقرأ، يهتم ويتفاعل، ويبحث عن أصل المشكلة ويطلب المزيد من التفاصيل.
لله درك يا سمو رئيس الوزراء، حفظك الله وأطال في عمرك، وحماك ذخراً للوطن وملكه الحبيب وشعبه الوفي.