جاء في الأخبار الأسبوع الماضي أن «مجلس الشورى الإسلامي صادق على مشروع قرار يسمح للحكومة الإيرانية بمنح الجنسية لزوجة وأبناء ووالدي «الشهداء» غير الإيرانيين الذين استشهدوا خلال الحرب التي فرضها نظام صدام ضد إيران» وأن «القرار يشمل أيضاً الذين «استشهدوا» بعد الحرب العراقية الإيرانية الذين كلفتهم المؤسسات المسؤولة لتنفيذ مهمات معينة» حسب وكالة الأنباء الرسمية التي ذكرت أنه بموجب هذا يتعين على الحكومة أن تمنح هؤلاء الجنسية في غضون عام من تقديم طلب للحصول عليها.
وحسب الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء العالمية فإنه «لا توجد أرقام متوافرة عن عدد الأجانب الذين قتلوا خلال الحرب الإيرانية العراقية، لكن أفغاناً ومجموعة من العراقيين قاتلوا إلى جانب القوات الإيرانية ضد نظام صدام حسين»، وأن هذا القانون «يمكن أن يسري على «المتطوعين» الأفغان والباكستانيين الذين يقاتلون في سوريا والعراق ضد الجهاديين مثل تنظيم الدولة «داعش» وجبهة النصرة».
وضمن سعيها لتوفير المبررات عن وجود أجانب يقاتلون إلى جانب القوات الإيرانية أملاً في الإفلات من الحرج والتناقض الذي تكون بفعلها هذا قد وقعت فيه تقول إيران إنهم «متطوعون» للدفاع عن الأضرحة والأماكن المقدسة خصوصاً في سوريا والعراق، وهو تبرير يبدو أن المسؤولين الإيرانيين مرتاحون منه، وإن لم يصدقهم العالم الذي يرى في هذا تناقضاً كبيراً أساسه أن إيران تنفي باستمرار ما تعتبره ادعاءات عن وجود لقواتها في إيران والعراق ولبنان، وتقول إن «القادة العسكريين والجنرالات التابعين لها هناك يعملون بصفة مستشارين عسكريين وإنه لا وجود لقواتها على الأرض».
هي «حيلة شرعية» إذن تلك التي توصلت إليها إيران لتغطي سبب تواجدها في سوريا والعراق، وفي لبنان أيضاً، ملخصها أن الكبار مستشارون عسكريون إيرانيون يتواجدون ضمن اتفاقات تلتزم بها لتقديم الرأي والمشورة ليس إلا، أما الصغار «الجنود غير الإيرانيين الذين يتم اكتشاف أمرهم بعد أن يدفنوا في إيران» فهم «متطوعون» للدفاع عن المقدسات، أي أن إيران تكرمهم بدفنهم في أراضيها تقديراً لهم لأنهم تطوعوا للدفاع عن تلك المقدسات، وأنها تفعل ذلك لأنها «المسؤولة عن الشيعة في العالم»!
إيران تنسى دائماً أنها من أشد المؤيدين لنظام الأسد وأنها تدعمه بالمال والسلاح والمقاتلين، وتنسى أن تواجدها في العراق اليوم هو بسبب أن العراق صار تابعاً لها وتتحكم في كل قراراته، تماماً مثلما أنها تنسى أن يكون لها «ممثل شرعي» في لبنان اسمه «حزب الله» يقاتل من أجلها تحت ألف ذريعة وذريعة. وكل هذا يعني أن العالم لن يفاجأ بعد قليل بقرار إيراني صريح يسمح بمنح الجنسية الإيرانية لذوي «الشهداء» من مختلف الجنسيات بما فيهم أهل اليمن الذين يقاتلون إلى جانب الحوثيين، الذين لا تكتفي بدعمهم بالمال والسلاح فقط. وكل هذا يعني أيضاً أن وجود أي جندي من أي جنسية في كل تلك الأراضي ليسوا إلا «متطوعين» تواجدوا للدفاع عن المقدسات والأضرحة، وأن كل ما تفعله إيران هو أنها تكرمهم بدفنهم في أراضيها لأنهم تطوعوا من أجل ذلك الهدف.
مشكلة المسؤولين في إيران أنهم مستمرون في الاعتقاد بأنهم الأذكياء الوحيدون في العالم وبأن العالم يمكن أن يقبل بأي كلام تقدمه إيران لتغطية وتبرير تواجد مقاتليها في أي مكان وإن لم يكن يحوي أضرحة ومقدسات شيعية. ومثلما أن العالم لا يعرف عن المقاتلين الأجانب في صفوف القوات الإيرانية في أي مكان أي معلومة إلا بعد انتشار خبر دفنهم في إيران، فإنه لن يعلم عن «متطوعين آخرين» من بلدان أخرى للدفاع عن المبادئ التي تزعم إيران أنها تؤمن بها إلا بعد أن يتم تكريمهم بالطريقة نفسها، وبعد حصول ذويهم على الجنسية الإيرانية «في غضون شهر وبشكل تلقائي».