حملة أطلقتها مؤسسة «دبي لرعاية النساء والأطفال»، للحد من العنف ضد الأطفال، شدني ركن المؤسسة في إحدى المجمعات التجارية، بينما كنت أتسوق مع ابني في دبي، ونحن الأمهات والآباء تشدنا كثيراً هذه الحملات، وكل الأمور المتعلقة بالأبناء، ونحاول قدر المستطاع أن نحمي أبناءنا من كل شيء قد يضرهم، حتى وإن كان الضرر يأتي من محيط الأسرة التي ينتمي إليها الطفل.
«الألم الذي يسببه الشعور بالتجاهل يوازي الألم الذي يسببه التعرض للعنف الجسدي»، جملة شدتني في مطوية الحملة «طفولتي أمانة فاحفظوها»، بالفعل تجاهل الأطفال وتجاهل احتياجاتهم بأنواعها تسبب نوعاً من الألم النفسي، قد يكون هذا التجاهل جسدياً أو صحياً أو تعليمياً أو عاطفياً، فلربما توفر الأسرة لأبنائها كل الاحتياجات المادية، مثل الطعام والملبس، ولكن قد تتجاهل أو تهمل الحاجة العاطفية لدى الأطفال، فتوفير الأمان العاطفي هو أن تشعر طفلك بأنك تحبه من خلال تقبيله واحتضانه ومسك يده حتى كلمة «أحبك بني أو بنية»، تعني له الكثير وتشعره بالأمان وتعبر له عن محبتك من خلال كلمات ولمسات بسيطة. أشد قسوة على الطفل هو شعوره المتيقن بأنه ليس على رأس قائمة أولويات والديه، وهذا شعور محبط جداً قد يعرض الطفل إلى كثير من المشاكل منها القلق وعدم الشعور بالأمان، و قد يؤدي ذلك إلى تدني التحصيل العلمي لديه، والشعور بالفشل لأنه غير قادرعلى أن يشد أبويه وأن يكون في رأس هرم أولوياتهم.
الطفل المعنف – أياً كان شكل العنف – أو الطفل المهمل يحمل معاناته حتى يكبر، من الخطأ أن يظن أحد الأبوين أن الطفل ينسى الألم، وينسى ما تعرض له في طفولته من عنف أو إهمال أو ما مر بتجربة ربما تكون بسيطة في طفولته، بل بالعكس الطفل يحمل في ذاكرته تفاصيل كثيرة ودقيقة أحياناً، لكنه لا يبوح بتلك التجارب أو هذه التفاصيل، بل إنه يحتفظ بها لنفسه، يتألم من تلك التجارب ويعاني من قسوتها بنفسه، ويداري على ألمه حتى يكبر، ولربما تكون هذه التجربة القاسية عقدته في ممارسة حياة طبيعية خالية من الألم والقسوة والإهمال.
ويبقى السؤال، لماذا ننجب الأطفال، هل لأنها سنة الحياة؟ أم حتى يحمل الأطفال أسماء آبائهم؟ أم ننجبهم لنسعد بهم ومعهم ويكمل كل فرد من أفراد الأسرة الطرف الآخر؟ وأياً كان السبب يبقى الطفل أمانة في رقاب الأبوين، فهما من يرسما طريق حياته، أما طريق السعادة في ظل الوالدين، أو التعاسة في إهماله، والتعريف الشائع لإهمال الأطفال كما جاء في الحملة هو «فشل المسؤول عن رعاية الطفل في تلبية احتياجاته الجسدية والعاطفية والتعليمية والصحية»، قد يظن البعض أن الإهمال يأتي من الآباء غير المتعلمين أو ممن يحملون الشهادات المتوسطة أو ذوي الدخل المحدود، ولكن بحسب الحقائق فإن الإهمال يأتي من الجميع حتى من أصحاب الشهادات العليا وأصحاب المناصب المرموقة، ويبقى الأطفال فلذات أكبادنا، أمانة في أعناقنا إلى يوم الدين، فلنحافظ عليهم، ونبعد عنهم كل شيء قد يشعرهم بالإهمال.