رغم الجهد المبذول من أعضاء اللجنة، حتى لا نظلم الكل، إلا أننا لم نشعر في تقرير اللجنة البرلمانية للتحقيق في أداء الصندوق السيادي الاستثماري للبحرين «ممتلكات» أنه وضع يده على الجرح أو حتى لامسه، مع العلم أنها اللجنة البرلمانية الثانية وليست الأولى التي تحقق في أداء الشركة، فالأولى تشكلت في الفصل السابق، وهذه هي الثانية، وكثير من توصيات الأولى لم تنفذ، ومع ذلك كان تركيز الصحافة وتركيز المغردين على موضوع مكافآت أعضاء مجلس الإدارة وكأنها هي المشكلة وهي الأزمة وهي التي تقف وراء عدم مساهمة ممتلكات في الإيرادات العامة، أو في خسائر ممتلكات، ومثلها كان السؤال عمن يستلمون رواتب أكثر من 2500 دينار الموجه لطيران الخليج، «إنتوا وين والخسائر وين؟».
كل هذه المبالغ مجتمعة لا تشكل شيئاً يذكر من رأس مال الشركة ولا من سيولتها ولا من خسائرها، فممتلكات خسائرها فاقت 560 مليوناً وقروضها 580 مليوناً، أنت تتكلم عن مليار دينار، في حين أن مكافآت الأعضاء «اللي سندرتونا عليها» جميعها على بعضها 3 ملايين وكسور، تركت الحديث عن 90% وركزت على 10% فقط، ركز الله يهداك عزيزي النائب على تلك الأرقام الخيالية العظمى واترك عنك «الخردة» كيف تمت إدارة القرض؟ وهل هناك حسن إدارة له أم أنها فلوس جديدة ضاعت في التغطية على خسائر متتالية ناجمة عن سوء إدارة؟ هنا كان يجب التركيز في التحقيق.
لجنة التحقيق البرلمانية في ممتلكات احتاجت إلى رأي خبراء ومقيمين في إدارة المحافظ الاستثمارية وخبراء في إدارة المخاطر وفي الحوكمة ومدققين ماليين، يفككون طلاسم 35 شركة كانت تدر أرباحاً قبل عشر سنوات وأصبحت تقترض وخسائرها نصف مليار، إنك تتحدث عن صندوق سيادي يحتكم على أكثر من 7 مليارات دولار هو مال عام للدولة لا يستكثر على إداراته، مجلس إدارة مكافأة أعضائه 15 ألف دينار في السنة، فليست هذه مشكلتي، وهذا المبلغ هو أقل ما يدفع لمن يدير صندوقاً بهذا الحجم عموماً، ومشكلتنا الآن ليست في السؤال كيف لا يربح هذا الصندوق إنما في السؤال كيف نخسر؟ وبالتالي لماذا لا يساهم في الموارد؟ التقييم هنا ليس عملية سهلة، فقد تربح لكنك توظف أرباحك في التطوير فلا تدخل أرباحك الخزينة، قد تخسر ولكنك تستطيع أن تغطي الخسائر بلعبة تقليل الكلفة، قد تقلل خسائرك ولكنك تخسر امتيازاتك على خارطة الطيران مثلما حدث مع طيران الخليج، التي فرحنا بتقليل خسائرها ولم ننتبه لخسارتها امتيازاتها الكبرى، قد تربح الشركات الأخرى ولكن حسبة ربحها تدخل فيها عوامل محرومة منها طيران الخليج، فشركات الطيران الأخرى تضم كل ما له علاقة بالمطار ضمن ذات الشركة أرباح هذه تغطي على تلك، في النهاية الأمر أكثر تعقيداً مما تتحمله قدرة وكفاءة السادة النواب على تقييم أداء الشركة، وهذا ليس عيباً أو نقصاً، فنواب الشعب لا يفترض فيهم أن يكونوا خبراء في كل قطاع، إنما وكغيرها من لجان التحقيق من جديد تخرج بتوصيات عمومية لا نعرف منها إن كانت خسائر الشركة ناجمة عن سوء إدارة أم أنها ظروف خارجة عن إرادتها؟ هل الشركة بذلت قصارى جهدها في إدارة المحفظة؟ في إدارة الشركات كل على حدة وإدارتها مجتمعة؟ في تنويع مصادر الدخل؟ فالتوصيات توحي بغير ذلك، التوصيات تدل على أن هناك سوء إدارة في تعيين الأعضاء في أكثر من مجلس إدارة وفي تجاهلهم للتعليمات المالية وفي التنسيق فيما بينهم وفي دراسة المخاطر، وفي تكرار أخطاء نبه لها تقرير لجنة التحقيق السابقة ونبه لها تقرير ديوان الرقابة المالية ولم تعالج، ومحاسبة هذه الأخطاء لا تقف عند توفير 3 ملايين دينار أي 11 مليون دولار، أنت تتحدث عن 7 مليارات «للعلم المليار فيه ألف مليون يمكن ما تدورن» كيف تركت «الهمتشة» وتحاسب على «الخردة»؟ أريد أن أعرف كيف وصلت خسائرهم نصف مليار.. ركز عزيزي النائب الله يحفظك.