اليوم بعدما خذلت أمريكا دول الخليج والعرب وتقاعست عن تقديم أي حل في سوريا واليمن، أو حتى الضغط على إيران من أجل تنفيذ إصلاحات رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي التى من شأنها أن ترجع السنة إلى العملية السياسية، وتخفف وطأة العنف والاقتتال، ليس أمام العرب أي حل آخر سوى التضامن والعمل المشترك. ورب ضارة نافعة، فلولا المخاطر المشتركة والإدراك المشترك لها والهجران الأمريكي، لما فكر العرب بالقوة العربية المشتركة، وهي قوة كان يجب أن تؤسس مع تأسيس الجامعة العربية، وحتى مع تأسيس مجلس التعاون.اليوم يتكلم بعض المشككين عن مدى استدامة مثل تلك القوة، ومدى التوافق الذي يمكن أن يحدث بين مختلف الدول العربية ومدى تضارب مصالح الحكومات المختلفة، ولكن سؤالي هو كيف استطاعت دول حلف شمال الأطلسي أن تشكل حلفاً «قوياً» وفعالاً، فلماذا لا يستطيع العرب؟ فالقواسم المشتركة مثلاً بين الجزائر والإمارات أكثر من القواسم المشتركة بين مونتينيغرو «الجبل الأسود» وهي العضو الجديد في حلف «الناتو» وبين الولايات المتحدة الأمريكية.تدرك الحكومات العربية اليوم أكثر من أي وقت مضى، مدى الحاجة إلى ضرورة العمل المشترك والحاجة إلى الانصهار العربي، ولأول مرة لا بد أن نحاول أن نترفع عن المشاحنات العربية العربية، ولننظر بشكل إستراتيجي إلى الوضع العام وإلى المستقبل الجماعي للدول العربية. اليوم هناك خطران يحدقان بالعالم العربي ويدفعان إلى ضرورة هذا الانصهار ألا وهما الإرهاب وتدخلات ومحاولات إيران التوسعية. من هنا يجب أن ينظر العرب إلى تجربة حلف شمال الأطلسي «الناتو» وأن يحاولوا استنساخها في قالب عربي. وبالرغم من أن أمريكا وأوروبا تريان اليوم أن مشاكل المنطقة مستعصية ويصعب على أي طرف خارجي أن يساهم بالحل، فأقل ما يمكن مثلاً لـ «الناتو» فعله هو أن يساعد في تأسيس القوة العربية المشتركة. فخبراء «الناتو» الذين ينسقون العمليات بين 28 مؤسسة عسكرية مختلفة يمكنهم أن يفيدوا العرب من الناحية العلمية والعملية على إتمام القوة العربية المشتركة. إن كان باستطاعة 28 عضواً مختلفين بالجغرافيا والتاريخ واللغة التوافق على قرارات الحلف الأطلسي وتنفيذها فلماذا لا يستطيع العرب؟!
{{ article.visit_count }}
970x90
{{ article.article_title }}
970x90