بداية، لابد من تقديم الشكر لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر على تصريحات سموه يوم أمس، والتي فيها طمأن المواطنين بشأن مكافأة نهاية الخدمة، والتي كانت طوال عشرة أيام ماضية موضوع جدل تسبب بالقلق جراء ما انتشر من معلومات بأن هناك توجهاً لإلغائها.
ما كتبناه طوال الأيام الماضية، وما كتبناه هنا يوم أمس، محذرين من أن تستمر العمليات تحت ذريعة التقشف وخفض النفقات بصورة تجعل «الفلعة» تأتي دائماً في رأس المواطن، لاقى تجاوباً «متوقعاً» من رأس الهرم في الحكومة، وهو ما سعينا له، لنؤكد حقيقة راسخة تتمثل بأن خليفة بن سلمان حفظه الله هو أول مسؤول يقرأ للصحافة والكتاب ويتفاعل معهم، ويطلب منهم أن ينقلوا ما يعتمل في صدور الناس وما يعبرون عنه، حتى يصل لعلم سموه.
وعلى قدر التقدير الجزيل لهذا الاهتمام من سمو رئيس الوزراء، على قدر حجم الإحباط الذي ينتابنا إزاء بعض المسؤولين في قطاعات الدولة، والمعنيين بالملفات المهمة التي تمس الناس.
وأقول ذلك، لأن المنطق يفرض علينا بيان أن مسألة مثل تلك المعنية بـ»اللغط» الذي ساد بشأن التقاعد، كان يحتاج للرد على تساؤلات الناس وإنهاء الافتراضات والتأويلات والشائعات، كان يحتاج الموضوع لتصريح من وزير أو حتى وكيل معني بالملف، لا أن تصل المسألة لمقام سمو رئيس الوزراء ليفصل فيها، في حين مازال المسؤولون المعنيون صامتين.
مرات عديدة وحصلت أمامنا في مجالس سمو رئيس الوزراء وزياراته، أن كان هناك توجيه صريح وواضح للوزراء والمسؤولين بالتواصل مع الناس، وبفتح مكاتبهم، والأهم بالرد الفوري والسريع على تساؤلات الناس، لكن للأسف ورغم ذلك، هناك من المسؤولين ولا كأنه يسمع هذا الكلام، إذ التطبيق معدوم تماماً، ولو نطق الجميع، فهو لن ينطق، وهذا خطأ كبير، لا يجب القبول به في مجتمع متقدم مدني مثل البحرين من ضمن شعاراته حرية التعبير، ومن حقوق الناس حق الوصول للمعلومة والتحصل على إجابات.
ولذلك أقول بأن اللغط كان يمكن أن يوقف في يومه الأول، وكنا سنجنب كثيراً من الناس «التهافت» على التأمينات للسؤال عن حقوقهم التقاعدية، بل لأوقفنا سيل طلبات التقاعد التي قدمت في بعض القطاعات، كلها كانت لن تحصل لو خرج علينا المسؤول المعني وتحدث بكل صراحة وشفافية.
المؤلم في الموضوع هي هذه الحقيقة التي سنوردها، إذ يفترض أن يكون شكر الناس الموجه للدولة نظير «مكسب» يتحقق، يفترض أن يكون استحسانهم لإجراء يتخذ في صالحهم، لكن للأسف بسبب «سياسات التكتم» وأساليب «عدم الرد» التي تنتهجها بعض القطاعات، تثار الشائعات، وتطلق «بالونات اختبار» صريحة، لينتشر القلق بين الناس، ويضاف إليه الخوف والهلع على مكتسباتهم، وبعدها حينما يتدخل سمو رئيس الوزراء مشكوراً ليوقف أي توجه أو فكرة فيها انتقاص لمكاسب الناس، تجد الجميع يشكر سموه على هذه الوقفة، وأنه معهم ويسمعهم.
ما أريد قوله بأن الشكر المجتمعي صار يطلق نظير «عدم المساس بالمكتسبات»، بدلاً من أن يطلق نظير «زيادة المكتسبات»، وهذا خطأ كبير.
الخطأ الذي نتحدث عنه معني بالسياسات المالية في مقام أول، فنحن اليوم نتحدث عن عجز يصل لسبعة مليارات، ومع استمرار السياسة التي نراها، متوقع أن يصل لعشرة مليارات، في مقابل ملفات «مبهمة» بشأن العوائد الاستثمارية والكشف عن أرقام الأرباح والخسائر.
ملف شركة «ممتلكات» القابضة لوحده يبعث الإنسان البسيط على القلق، الأرقام التي نشرت ووثقت بشكل رسمي في تقرير لجنة التحقيق النيابية يقشعر منها البدن، معقولة يا جماعة خسائرنا تصل لهذا الحجم وهذا المبلغ الضخم؟!
حتى مع حسم موضوع المكافأة، تظل أسئلة عديدة مطروحة على لسان الناس في هذا الملف، إذ هل بالفعل ستزيد سنوات الخدمة؟! وهل ستتوقف عملية شراء السنوات؟! وهل ستزيد نسبة الاشتراكات؟!
يا جماعة الخير من حق الناس أن تسأل، ومن واجب المسؤولين أن يردوا ويجيبوا عن التساؤلات.
نتمنى أن يحذو المسؤولون المعنيون نفس خطوة سمو رئيس الوزراء حفظه الله، بوضع النقاط على الحروف والرد على تساؤلات الناس.
وأخيراً ودائماً نقول، شكراً للوالد خليفة بن سلمان على تفاعله الدائم مع الصحافة والناس، أعطاه الله الصحة وطول العمر.