لا تخلو البيانات التي تصدر يومياً أو بشكل شبه يومي عن الجمعيات السياسية وأولئك الذين اختاروا البقاء في الخارج واعتبروا أن دورهم يقتصر على إصدار البيانات من عبارات تدعو إلى «إطلاق سراح المعتقلين والسجناء فوراً». مصدرو تلك البيانات يصرون على تضمينها مثل هذه العبارة رغم علمهم وتأكدهم بأن هذا غير ممكن عملياً، لا في البحرين ولا في أي دولة، وإن كانت بعيدة عن دولة المؤسسات، فمثل هذه الدعوة لا يمكن أن تجد أي استجابة لأنها غير معقولة، ولأنه من غير المعقول أن يتم نسف كل الأحكام الصادرة عن المحاكم بناء على تلك الدعوة.
هناك أحكام صدرت وليس من سبيل إلا إلى تنفيذها إلا إن كان القانون يسمح بتخفيفها أو استفادة أصحابها من عفو ملكي، وهناك ممارسات قامت وتقوم بها وزارة الداخلية هي من صميم عملها وبهدف توفير الأمن، ومن غير المنطقي أن تنسف كل ما قامت أو تقوم به وتتوقف عن ممارسة الدور المنوط بها.
هذا يعني باختصار أن تضمين تلك البيانات مثل تلك العبارة تحصيل حاصل، وبهدف إبراء الذمة، وكي لا يقول من تجنى عليهم مصدروها إنهم لم يفعلوا شيئاً، ولم يطالبوا حتى بإطلاق سراح أبنائهم. ولكن لأن تلك البيانات وتلك العبارات ليست إلا حبراً على ورق، لذا فإنها عديمة القيمة ولا تنفع من خسر مستقبله من أجل لا شيء.
الأفضل من كل تلك البيانات وتلك العبارات هو التحرك لخدمة هؤلاء وغيرهم بالتواصل مع الجهات ذات العلاقة لحل المشكلة من جذورها، فإطلاق سراح المسجونين والمعتقلين هكذا لا يحل المشكلة وإنما يعيد تدويرها. والأهم من كل هذا هو التوصل إلى صيغة تؤدي إلى إنهاء المشكلة لتعود الأحوال إلى ما كانت عليه.
اعتبار «المعارضة» أنها قامت بدورها وبرأت ذمتها تجاه ذوي المتضررين على اختلافهم بإصدارها تلك البيانات، وتضمينها تلك المطالبات غير المنطقية وغير الواقعية يعني أنها لا تزال مصرة على مواصلة أخطائها، ولا تزال بعيدة عن الإحساس بما تسببت فيه وعانى منه شباب ربما لم يعرف أكثرهم لماذا انساقوا وراء تلك الشعارات، بل لعل بينهم من لا يعرف معناها ولا يدرك الهدف من رفعها.
ليس بتلك العبارات ولا بتلك البيانات يمكنها تخليص من وقع في الشباك، فذاك كله كلام لا قيمة له ولا طائل من ورائه. لو كانت «المعارضة» تريد بالفعل إخراج الناس من المأزق الذي أوقعتهم فيه فإنها تعرف الطريق إليه جيداً، وهو ما ينبغي أن تفعله، وأول الخطوات هو توقفها عن إصدار تلك البيانات عديمة القيمة وتلك المطالبات غير المنطقية وغير الواقعية والتي تعرف جيداً أن الحكومة لن تستجيب لها لألف سبب وسبب.
لو كانت «المعارضة» تريد أن تنقذ من تسببت لهم وتعيدهم إلى طريق المستقبل فعليها أن تبادر بتقديم مشروع واقعي يمكن للحكومة أن تقبله وتعتبره أساساً يبنى عليه لحل المشكلة، وضمان عدم الوقوع فيها من جديد. لو كانت جادة في هذا الأمر فإن عليها أن تعلم أنه لا سبيل أمامها سوى هذا السبيل، وأن تعلم قبل هذا بأن تلك البيانات وتلك المطالبات لا جدوى منها خصوصاً وأنه يسهل تصنيفها في باب الضحك على ذقون ذوي من يقبعون في السجون بسببها، لأنها لا تفيدهم وإنما تدغدغ مشاعرهم وتجعلهم يتعلقون بأمل كاذب.
لا يوجد حكومة في العالم يمكن أن تستجيب للدعوة إلى إطلاق سراح المسجونين والمعتقلين أو الموقوفين «فوراً» سواء أكانت صادرة من قبل «المعارضة» أو حتى من الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وهذا يؤكد أن تضمين هذا النوع من العبارات في تلك البيانات عديم القيمة ويدخل في باب «الروتيني».