التأمل في العبارات التالية التي صدرت عن اللواء قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، من شأنه أن يجيب عن سؤال مهم ملخصه كيف تمكنت إيران من «لحس عقول» الإيرانيين والمنبهرين بالتجربة الإيرانية، ومن ثم السيطرة عليهم جميعاً وضمان قولهم بما يقولون، واعتبار كل قول يصدر عن القيادة في إيران مقدساً.
يقول سليماني إن «مؤسس الجمهورية الإيرانية، روح الله الخميني، استطاع أن يسترجع الإسلام الحقيقي إلى سدة الحكم بعد 13 قرناً من سيطرة ما وصفه بـ«إسلام الأمويين والعباسيين»، وإن «أي صدمة للنظام الإيراني سيكون لها ضررها على الإسلام»، وإن «أياً من مراجع التقليد الشيعة لم يستطع أن يفعل ما فعله مؤسس الجمهورية الإيرانية طوال 13 قرناً الماضية»، وإن «الدفاع عن النظام الإيراني يعادل الدفاع عن الإسلام» و«الحفاظ على نظام الحكم في طهران هو من أوجب الواجبات الدينية» لأنه «إذا أصاب النظام الإيراني أي سوء ستتضرر الواجبات الدينية الأخرى ومنها الصلاة». ليس هذا فقط ولكن أيضاً قوله إن «قيمة النظام في طهران هي أكثر بكثير من أن يقدم آلاف الشهداء للحفاظ عليه».
من معاني ذلك أن الإسلام خلال القرون قبل مجيء نظام الملالي لم يكن إسلاماً صحيحاً أو حتى إسلاماً، وأن على المسلمين في كل مكان لو أرادوا أن يحموا الإسلام فعليهم أن يحموا إيران وإلا «راحت عليهم وعلى الإسلام»، فأي ضرر يحدث للنظام الإيراني هو ضرر للإسلام وللصلاة، أي أن الإسلام هو إيران، وإيران هي الإسلام فقط، ومن أراد الأجر من الله في الدنيا والآخرة فعليه أن يناصر إيران لأن «الحفاظ على الحكم في طهران من أوجب الواجبات الدينية». ومن معانيه أيضاً أن الشيعة العرب لا يستحقون أن تكون المرجعية الدينية في العراق أو في أي بلاد عربية وإنما تكون في إيران فقط لأن إيران هي التي أعادت للإسلام رونقه بعد «فشل» استمر ثلاثة عشر عاماً! تصور أن يتم إدخال فكرة أن «قيمة النظام في طهران أكثر بكثير من أن يقدم آلاف الشهداء أرواحهم للحفاظ عليه» في عقول الشعب الإيراني المغلوب على أمره وعقول المخدوعين بحكم الملالي من غير الإيرانيين. يقول لهم النظام إنكم لا تساوون فلساً وإن دوركم في الدنيا وتذكرة دخولكم الجنة هي مقابل ما تبذلونه من جهد لحماية هذا النظام الذي هو الإسلام وليس غيره.
تمكن النظام الإيراني من الترويج لهذا النوع من الأفكار هو الذي جعله مستمراً إلى اليوم رغم كل عيوبه، فعندما يعتقد المغلوب على أمره وفقير العقل أنه بمناصرته لهذا النظام يكون قد خدم الإسلام وصار متاحاً له دخول الجنة فإن من الطبيعي أن يبذل كل ما يستطيع ليفعل ذلك.
أي عقل جهنمي هذا الذي يمتلكه ملالي إيران؟ هذا سؤال لابد أن يدور في عقل كل من يتفكر في هذا الأمر. ذهبوا إلى الوتر الحساس وضربوا عليه ونالوا ما أرادوا، بل إن الآخرين صاروا أحرص منهم على أن يستمر هذا النظام رغم كل مساوئه. لهذا فإنه ليس بمستغرب أبداً توجه من صار يطلق عليهم النظام الإيراني تسمية «حماة الضريح» إلى العراق وسوريا وكل مكان وتحولهم إلى ميليشيات تنفذ أوامر سليماني من دون تردد ومن دون مناقشة أو حتى استفسار، ذلك أنه يكفيهم أن يكونوا ضمن من يريد «العزة والشرف لإيران»، ومن «يوفر نسبة عالية من الأمان والاستقرار لهذه الجمهورية».
الخبر نقلته وكالة «مهر» للأنباء التابعة لمنظمة الدعوة الإيرانية وهو ما يعني أن ما قاله سليماني لا يعبر عنه شخصياً.