تزامن رد الفعل الغاضب والمستنكر والرافض والمهاجم «للمجموعة» الانقلابية السياسية منها والدينية والإعلامية على بيان بسيوني الأخير، مع هجوم تعرض له باحث عراقي مهنته البحث في التاريخ وسبر أغواره من منظور ثقافي أو ديني أو سياسي اشتكى لي أمس ونحن في دبي لحضور الملتقى الإعلامي غضب الجماعات الإسلامية دوماً عليه، سواء كانت الشيعية أو السنية، يقول إن الاثنين يحذرانه من الاقتراب من «الدين»، قلت له إنك مثل هيئة ضمان الجودة في السوق تفحص البضائع وتعيد تقييمها، تلغي الفاسد منها وتمنح شهادة للصالح منها، وتلك بضاعتهم التي «يترزقون» يا سيدي فإن اكتشف فيها فساد أو انتهاء مدة صلاحيتها فإنك تهددهم في أرزاقهم، فتلك بضاعتهم تردها إليهم، هل تعتقد أنك ستمر هكذا برداً وسلاماً على أسواقهم؟ هكذا كان بيان بسيوني يوم أمس فحصاً للبضاعة وتقييماً لها بعد خمس سنوات، وهو الخبير المعترف به دولياً والمعترف به من تجار السياسة والدين، فحصها فردها إليهم، فقامت قيامتهم وسموها «سماً» لأنهم علموا أن عليهم أن يتجرعوه!!
طبعاً فهذه آخر الأوراق التي بحوزتهم، وقد صدرت شهادة بانتهاء مدة صلاحيتها وفسادها وبداية صدور أعراض العفن عليها، وذلك يعني إيذاناً بقفل أسواقهم التي يتاجرون و«يترزقون» منها.
البحرين فتحت أسواقاً جديدة عززت فيها البضاعة محلية الصنع، فهناك مؤسسات التظلمات الرسمية منها والأهلية، وهناك الإعلام المحلي، وهناك المؤسسات القضائية التي تتعاون مع مثيلاتها من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهناك الخبراء والشركاء من الدول الصديقة يعيدون هيكلة المؤسسات الأمنية والقضائية، وكل هذه البضائع اليوم محلية الصنع وأسواقها محلية ونالت شهادات الاعتماد من بيوت للخبرة عالمية، فلا عذر لأي أحد للجوء للخارج إلا إن كانت الخيانة طبعاً متأصلاً فيه، لهذا يتلوى الآن وكلاء اللجوء للخارج ألماً ويتجرعون سماً بالفعل لأن البضاعة المحلية هي المعتمدة الآن محلياً ودولياً، وبهذا البيان تم إلغاء وكالاتهم وبارت تجارتهم وأغلقت أسواقهم، لهذا هم يقاومون ويألمون.
الآن لن تتمكن إيران من رفع قميص بسيوني كلما أرادت براءة ذمتها من التدخل في البحرين، فقد انتزع بسيوني قميصه منهم، وبارت بضاعتهم التي لطالما رفعوها في المحافل الدولية، وانتهت حفلات الزار التي كانت تقام للاستشهاد بتقرير بسيوني الذي أقر بصريح العبارة بدور إيران في الأحداث التي جرت في 2011.
الخلاصة نصيحة لتجار السياسة والدين والإعلام الذين صدعوا رؤوسنا بمناداتهم علينا لنشتري بضاعتهم «تقرير بسيوني والعهد الدولي وتقرير الخارجية الأمريكية وبيان البرلمان الأوروبي.. إلخ»، التاجر الشاطر يواكب السوق وتطوراته كي يضمن بقاءه فيه، أما الذي يصر على أن السوق هو الذي يجب أن يواكب بضاعته، فهذا ليس غير «البقل» بضاعة بإمكانه تسويقها. والتاجر الشاطر حين تتوفر له بضاعة محلية الصنع تنافس العالمية معتمدة ومعترف بها يتمسك بها ويشجعها ويعمل على تحسين إنتاجها ويستثمر في تطويرها وتعديلها وإصلاحها، فهي الدائمة له.
قلت لصديقنا العراقي الجميل بضاعتك رائجة وبضاعتهم بائرة وإن لم يثنك عن عملك كل التهديدات التي تلقيتها طوال تاريخك فهل ستثنيك هذه التهديدات؟ ابتسم وقال أبداً.
سلامي لابن الرافدين الأستاذ رشيد الخيون، وسلامي للمتجرعين سم التقرير البسيوني الأخير، ونقول لهم محطات الوطن كثيرة والقطار يتوقف في محطتكم بين حين وآخر، و«حرنتكم» في محطتكم وعدم قبولكم الركوب فيه، لن تثني القطار عن إكمال مسيرته، ولكم الخيار.