في يوم الجمعة، يذهب المصلون لأداء الصلاة، وفي لحظة انتظار إمام المسجد لإلقاء الخطبة، إذا بشخص هرم كبير في السن يدخل المسجد المكتظ بالمصلين، وحوله مجموعة كبيرة من الأشخاص الذين تبرعوا لحمايته، فإذا به يصعد المنبر ليلقي خطبته الأسبوعية التي ينتظرها المصلون، ومن هم خارج أسوار المسجد بالمنازل حتى وصل به الأمر أنه ربما ينتظرها من هم خارج البلاد.
هكذا يبدأ خطبة الجمعة بكلمات تبدو في سياقها هادئة وروحانية، لكن هذه الخطبة كانت بها مجموعة من الرسائل ليست رسائل تتعلق بالأخلاق أو الدين، بل هي رسائل سياسية، تنتقد الحكومة، والمصلون يستمعون إلى تلك الرسائل المنمقة بكل حرفية، ربما تستهوي عواطفهم، حتى إنه بمجرد أن انتهى من رسالته وقف جموع المصلين ليس للصلاة، بل ليقولوا عبارة «لن نركع إلا لله»، وما هي إلا لحظات حتى يخرجوا من المسجد، وتبدأ الفوضى بالخارج، وتبدأ الزجاجات الحارقة تتقاذف من كل حدب وصوب، وما هي إلى دقائق حتى نشهد سقوط شهداء من رجال الأمن أو مصابين بجروح نتيجة الفوضى والاعتداء عليهم.
هذا الرجل العجوز وهو يلقي خطبته كأنه يملك عصا ليست سحرية، ولكنها عصا لشحن الأدمغة، وجعلها تحت طوعه بطريقة يتحكم بها، وهو يدرك أن ما يقومون به من أعمال بطولية من أجله ومن أجل تحقيق ما يتمناه أسياده في الدول المعادية.
هذا العجوز الذي بدأ خطبته برسائل منمقة، لكنها شحنت أدمغة المستمعين لها، بل وصل الأمر إلى أن تكون دليلاً استرشادياً وتحفيزياً لهم ليقوموا بأعمالهم التخريبية وهي تفويض رسمي من قبل ذلك العجوز الذي تقطع حديثه «الكحة الشديدة» جراء مرض ملازم له، وللأسف إن من يستمع له يعتقد أن ذلك الرجل العجوز سيحميهم من كل شيء، ومما سيجري لهم حينما يقومون بأعمال الشغب والتخريب تحت مسمى «مظاهرات سلمية» من أجل «الحرية» المزورة التي رسمها لهم ذلك العجوز الذي لا يملك سوى عصا ومجموعة من الأوراق التي كتبت له في إحدى القرى خارج البلاد.
حقيقة، إن من يرى هذا العجوز الذي كل دقيقة يقوم بوضع المنديل حول فمه جراء الكحة التي تلازمه، يعتقد أنه قادر على أن يتحكم بكل هذه الجموع، ولديه قناعة بتأثيره القوي على أدمغتهم، التي أصبحت تحت طوعه حيثما أراد أن يكون ذلك. لكن يا ترى، حينما قام المصلون بترديد عبارة «لن نركع إلا لله» هل كانوا يدركون أن ما يفعلونه هو أمر يتنافى تماماً مع ما أمر به الله سبحانه وتعالى وحرمه، بل كيف لهم أن يعصوا الله بأن يقوم هذا الرجل بإطلاق أحكام بقتل المسلمين بغير حق، ويجعل ذلك مبرراً من خلال زعمه أن هؤلاء مكبلون وأن حريتهم لا تأتي إلا بأعمال الإرهاب والقتل للأبرياء.
هذا العجوز الذي يحرض من على المنبر هو جزء لا يتجزأ من مخطط إرهابي لدول معادية للبلاد، وهو ينفذ هذه الأجندة بطريقته وبأسلوبه وبخداع منقطع النظير، وأتوقع له أنه لو أرادوا له أن يترشح للانتخابات الأمريكية الحالية لفاز بها وبجدارة!!
خلاصة القول، إن قطع دابر الإرهاب يبدأ بلجم المحرضين عليه من أمثال عجوزنا المذكور!