لا يستطيع أي شخص أياً كان أن ينكر حقيقة مهارة تعامل القيادة البحرينية مع أزمة 2011، حتى تلك الأصوات النشاز لا تستطيع أن تنكر حسن تصرف القيادة في التعامل مع الأزمة وتحجيمها أو السيطرة عليها. فالحنكة والخبرة الدبلوماسية وكفاءة القيادة وتضافر الجهود الداخلية والإقليمية كانت من أسباب السيطرة على الأزمة والتعامل معها باحترافية واضحة.
وكانت هذه الممارسات والمواقف بمثابة الاختبار الحقيقي لقدرة القيادة على مواجهة الأزمات وكيفية التعامل مع المواقف الداخلية الحرجة والمواقف الدولية المتأزمة.
إن ما مرت به البحرين عام 2011 وحسن إدارة الأزمة أصبح علم يدرس في الجامعات العالمية، وأصبحت من الأمثلة التي يسجلها المهتمون بتدارس علم إدارة الأزمات.
ولست بصدد التحدث اليوم وإعادة الذكريات السيئة التي مرت بها المملكة والتي أسأل الله الا يعيدها وأن يبعد الشر عن بلادنا الغالية ويعم الخير والأمن علينا أبد الدهر.
ولكن الاحتفال بالانتهاء من تنفيذ توصيات تقرير «اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق» والذي تعارف على تسميته بتقرير «بسيوني» أعادنا جميعاً للذكريات السيئة التي مرت علينا، وأكد لنا أن قيادتنا «رشيدة» بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.
فإدارة الأزمات علم يتسم «بالمأسسة» أي أنه على الدولة في ظل التعامل مع الأزمة أن تواصل عملية التنمية والبناء والحفاظ على استمرار سيادة الدولة وضمان هويتها والحفاظ على أمنها القومي. وهذا بالفعل ما حققته القيادة فبالرغم من صعوبة التعامل مع الأزمة «داخلياً وخارجياً» إلا أن القيادة واصلت مسيرة البناء والعطاء فاستطاعت بجدارة الحفاظ على الشكل المؤسساتي للدولة. كما أنها سعت كل السعي إلى تجنب وصول الأزمة إلى مرحلة النزاع ونجحت في ذلك باقتدار على الرغم من الأخطار الأمنية التي كانت تتربص بالبلاد، وتنتظر لحظة الصفر لإيقاع الوطن في فخ «النزاع والاشتباك والقتال»، لكن «حكمة القيادة « جعلت الحل باستخدام القوة خياراً غير مقبول به، وسيطرت على الأمن الداخلي وتمكنت من درء الخطر الخارجي بدرجة عالية من الذكاء والمهارة.
وفي ظل التجاذبات على المسرح الدولي استطاعت البحرين أن تجعل كبريات الدول التي «تدعي» الديمقراطية ان تتخذ من البحرين مثالا يحتذى به في مجال صون الحقوق والتعامل الأمثل مع الأزمات. فعندما أعلنت قيادة البحرين عن دعوة لجنة تقصي الحقائق المستقلة في النظر بشفافية وموضوعية في أزمة البحرين كأول دولة في العالم تلجأ إلى هذا الحل بشكل مستقل، بل وقامت القيادة بمتابعة تنفيذ توصيات هذا التقرير فقطعت الطريق أمام الكثير من المنظمات والدول التي كانت تريد أن تجعل من البحرين منطقة حرب ونزاع وتوتر.
فشكراً من القلب لقيادتنا الرشيدة وعلى رأسهم حضرة صاحب الجلالة الملك الذي أخذ على عاتقه ملف التعامل الأمثل مع هذه الأزمة وإعادة اللحمة الوطنية. والشكر موصول إلى صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر الذي استطاع أن يمسك العصا من المنتصف فقام بإدارة الأزمة بيد ودفع عجلة التنمية بيد أخرى، والشكر موصول إلى صاحب السمو الملكي ولي العهد الذي تصرف بحكمة متناهية في التعامل بحكمة واقتدار مع جميع أطراف النزاع سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الدولي. وكل الشكر إلى فريق العمل على متابعة تنفيذ توصيات تقرير لجنة تقصي الحقائق وإلى كافة شعب البحرين الوفي الذي ساهم بكل ما يستطيع من أجل نشر الأمن واستتبابه.
وفي عالم يموج بالصرعات الدولية بين أطماع الاستحواذ والهيمنة يحب أن نتلاحم لتكون دولنا عصية على أية أزمة تستهدف أمننا ووحدتنا الوطنية.
ويجب على الجميع أن يعي أننا وإن وفقنا الله أن نحتوي الأزمة وأن نسيطر عليها فهذا لا يعني مطلقاً أن الأزمة انتهت وبأننا بعيدون عن أزمات جديدة. ويجب علينا كلنا دون استثناء أن نتلاحم ونلتف حول قيادتنا وأن نعاظم ثقتنا بالقيادة وأن نكون نحن حائط صد لأي خطر خارجي ينوي تدمير دولتنا وقيمنا وهويتنا.