في يومين فقط تابع العالم 3 حوادث طعن بالسكين، الأولى كانت في ملهى ليلي في تايلند حيث قتل شاب خليجي بسبب طعنة نافذة تلقاها خلال مشاجرة حدثت بينه وبين اثنين من مواطنيه، والثانية في ألمانيا حيث أقبل شاب على طعن بعض من كان في محطة القطار فقتل واحداً وجرح ثلاثة، والثالثة كانت في الأراضي المحتلة حيث أقبل شابان فلسطينيان على طعن سيدتين إسرائيليتين في الظهر قيل إنهما مسنتان.
الحادثة الأولى يمكن إدراجها تحت عنوان «طيش الشباب»، وموضوعها وارد في مثل هذه الأمكنة، فعندما تدير الخمرة رؤوس شاربيها يسهل التناحر من أجل فتاة أو بسبب حركة أو كلمة أو مزحة بل حتى من غير سبب. الثانية عنوانها لايزال غامضاً ولكن تناقلت الأخبار أن شهود عيان قالوا إنهم سمعوا المهاجم وهو شاب ألماني في السابعة والعشرين من العمر يصرخ «الله أكبر» لحظة تنفيذ العملية، أي أنه قد يكون حادثاً إرهابياً منظماً. أما الثالثة فعنوانها «اليأس»، فما يقوم به الشباب من الجنسين في فلسطين منذ حين لا تفسير له سوى وصولهم إلى حالة من اليأس من تغير الحال وشعورهم بأنه لم يعد هناك مستقبل أو حياة يمكن الصبر على المر من أجلهما.
أخلاقياً يعتبر استخدام السلاح الأبيض جبناً لأنه لا يتيح للمستهدف فرصة الدفاع عن نفسه، حتى وإن لم يكن الهجوم من الخلف، وأياً كانت المبررات فهو عمل مدان ومرفوض. وإذا كان يسهل القول عن الحادثة الأولى بأنها نتجت عن مشاجرة بين اثنين أو أكثر وهم في حالة سكر وإنه كان يمكن أن يصلوا إلى النتيجة نفسها باستخدام أي أداة أخرى متوفرة في المكان حتى لو كانت الكأس التي يشربون منها، فإن الحادثة الثانية يسهل تصنيفها في باب الإرهاب.
لو كان الذي قام بطعن الناس في محطة القطار دافعه سياسي فإنه دونما شك يكون قد أساء إلى الجهة التي ينتمي إليها والشعارات التي يرفعها، فمن أصيب ليس الجهة المستهدفة، أو بالأحرى ليست الجهة التي يفترض أن تستهدف، وإنما هم أشخاص لا علاقة لهم بأي شيء، بل لعلهم، أو بعضهم، يؤمنون بما يؤمن به الفاعل من أفكار ومبادئ. وإذا كان الدافع في الحادثة الثالثة مبرراً نظرياً فإنه غير مقبول عملياً لدى البعض.
لكن لا أحد يستطيع أن ينكر ما فعله ويفعله الصهاينة في أهل فلسطين. ولذلك ربما يرى البعض أن المشكلة هي أن المستهدفين في الحادثتين الثانية والثالثة أشخاص لا يؤدي قتلهم إلا إلى مزيد من الحقد على العرب والمسلمين، ومزيد من الاستهداف، ولا يمكّن لأحد من التفاخر بذلك لأنه يدخل في باب الجريمة، فيضيع الفارق بينها وبين الحادثة الأولى.
لذلك يعتقد البعض أنه ليس هذا هو الطريق إلى النصر، وكل ما يفعله من يقوم بممارسة الاعتداء على الآخرين بهذه الطريقة أو بغيرها هو أنهم يوفرون المبرر لأعداء العروبة والإسلام ليزيدوا من حقدهم على كل عربي ومسلم ويعرضهم -وخصوصاً المقيمين منهم في الغرب وفي فلسطين المحتلة- لشتى أنواع المخاطر فيتم استهدافهم في كل حين ومن دون سبب.
الحقد على العرب والمسلمين ازداد منذ اللحظة التي قام فيها من لا يدرك أبعاد ما يفعل باستهداف من لا علاقة مباشرة له بما يجري.