ترك التصريح الصادر عن صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر حول عدم المساس بمكافأة نهاية الخدمة أثراً إيجابياً في نفوس جموع البحرينيين. وقد كان موضوع المكافأة شاغلاً مقلقاً لمن اقترب موعد تقاعده، حيث كانت تعني للكثيرين منهم بداية حياة جديدة، ومردوداً وظيفياً تعويضياً مرضياً ومريحاً.
وقد شهدت كل وزارات البحرين دون استثناء توجهاً كبيراً نحو تقديم طلبات التقاعد في الشهرين الماضيين. ما يعني أن ثمة قلقاً كبيراً لدى الموظفين من صدور أي قرار يتعرض بالتغيير للمميزات الحالية للتقاعد. ومشاعر القلق عند المواطن البحريني، في حد ذاتها، يتعين مراعاتها ومعالجتها، وعدم القبول باستمرارها، فمن الخطأ أن يتخذ كثير من الموظفين قرارهم بالتقاعد تحت ضغط القلق على مستقبلهم الوظيفي أو التقاعدي.
وفي الأيام المنصرمة السابقة عقدت عدة وزارات اجتماعات مع جموع طالبي التقاعد لإثنائهم عن قراراتهم وإقناعهم بالاستمرار في الوظيفة، ولكن أغلب المحاولات باءت بالفشل لسبب بسيط وهو أن من تصدوا لتلك المحاولات لا يملكون جواباً «رسمياً».. نعم «رسمياً»، لمستقبل الموظفين طالبي التقاعد حول مصيرهم إن هم استمروا في إجراءات التقاعد أو استمروا في الوظيفة العامة.
والمطلوب من الجهات الحكومية المعنية سواء كان ديوان الخدمة المدنية أو وزارة المالية أو هيئة التقاعد أن تتعامل بشكل أكثر شفافية مع المواطنين، وأن تعلن عن تفاصيل التعديلات التي تتعلق بمزايا التقاعد، والتي صار الجميع يجزم على الغيب بأنها ستصدر. فوتيرة القلق عند المواطن البحريني الذي صار قاب ثلاثة أقواس أو أكثر بقليل من التقاعد تزداد بسبب حالة الغموض في الإعلان عن التعديلات وعدم تقديم أي تفاصيل تخصها، وأكثر ما يخشاه الموظف البحريني أن تصدر التعديلات ويقف أمام الأمر الواقع للتنفيذ فقط.
كثير من الموظفين يطلبون الإعلان المبدئي عن تلك التعديلات المتوقعة ويطلبون تحديد وقت كافٍ قبل بدء التنفيذ كي يتم توفيق أوضاع الموظفين الذين اقتربوا من نهاية الخدمة، وكي يتخذوا قرار التقاعد أو الاستمرار في الوظيفة بعد تفكير وتأمل ودراسة. فأغلب الذين قدموا طلبات تقاعدهم منزعجون، في حقيقة الأمر، أنهم يغادرون وظائفهم تحدت وطأة القلق، فطموح كل موظف أن يغادر الوظيفة مرتاحاً مطمئناً كي يستطيع التنبؤ بما تحمله الأيام القادمة.
على المعنيين في الحكومة الموقرة أن يتنبهوا إلى أن الغموض وكثرة البلبلة تضر باستقرار البلد وبالوضع الاقتصادي، فاستناداً إلى ما يتسرب من أخبار فإن بعض الوافدين قد قدموا استقالاتهم بسبب ارتفاع حالة التضخم في الاقتصاد البحريني والارتفاع الجنوني في الأسعار وكثرة الشائعات عن إجراءات التقشف المتوقعة.
المواطن البحريني يحمل وعياً كافياً بالمشكلات الاقتصادية والمالية التي تمر بها المنطقة وتعاني منها الحكومة، وسوف يكون متعاوناً ومستجيباً للإجراءات التي ستتخذها الحكومة، لكنه يريد أن يعلم، فقط «يعلم» ماذا سيحدث كي يوفق أوضاعه وكي يخطط لمستقبله وفق فهم للإمكانات المتوفرة لديه.