الأسبوع الماضي وفي جلسة مجلس الوزراء حسم صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله الجدل بشأن مكافأة نهاية الخدمة، مطمئناً الناس بأنها لن تمس.
لكن موضوع التقاعد وإعادة النظر في نظامه مسألة لم تحسم، وتأكد بالأمس أنها «مشروع» يراد تطبيقه من واضعي السياسات، بحسب ما كشفه النائب أحمد قراطة.
نظام التقاعد الجديد بحسب ما أعلنه النائب تشير سيناريوهاته إلى الخطوات التالية:
1- رفع سن التقاعد من 60 إلى 65 عاماً.
2- إلغاء نظام التقاعد المبكر.
3- إلغاء نظام شراء سنوات الخدمة.
4- احتساب سنوات الخدمة ستتغير نسبتها من 2? إلى 1.8?، ما يعني أن نسبة الراتب التقاعدي ستقل عند الخروج على التقاعد، وبالتالي نظرياً فإن نسبة الـ 80 ? ستكون ضرباً من المستحيل التحصل عليها.
5- نسبة الاشتراكات التأمينية سيتم تقليلها على الحكومة من 12? إلى 10?، والتقليل الحاصل سيتم تعويضه بزيادة 2? على الموظف، بحيث يصبح ما يقتطع من راتبه شهرياً 8? بدلاً من 6?.
طبعاً مكافأة نهاية الخدمة كانت من ضمن الأمور التي سيطالها التغيير إما بالإلغاء أو تقسيطها شهرياً، إلا أنها خرجت من الحسبة بعد تصريح سمو رئيس الوزراء، الذي نشكره باسم المواطنين على منع تضررهم جراء هذه الخطوة.
الآن لنفصل في الموضوع، ونقول إن الخطوة بدون أي تجميل أو تعديل لصيغة الكلام تعتبر «مساساً بحقوق الناس»، تعني «تقليلاً» في دخل المواطن، وتعني تحميله دفع ضريبة جديدة من راتبه، في المقابل تقليل نسبة تقاعده وزيادة السنوات عليه ومنعه من التقاعد المبكر، ناهيكم عن عدم تحديد المعلومات التي نشرت لوضع المرأة، وهل ستتساوى مع الرجل في السن التقاعدي بواقع 65 عاماً.
لماذا نقول ذلك؟! لأنه وببساطة المواطن يترقب الأفضل دائماً من خلال التطوير في الخدمات وتقديم مزيد من التسهيلات، بمعنى أن التشريعات الجديدة لابد وأن يكون هدفها خدمة المواطن لا التضييق عليه.
هناك أسئلة عديدة تطرح نفسها بقوة في هذا الملف، نوردها على النحو الآتي:
1- لماذا هذا التوجه المعني بملف التقاعد وفي هذا الوقت تحديداً؟! المواطن يريد معرفة السبب الذي جعل هذه المسألة من الخيارات المطروحة!
2- هل طرح نظام التقاعد الجديد بملامحه هذه والتي فيها «نقص» و«تقليل» لحقوق الناس المكتسبة، لها علاقة بالوضع المالي للدولة، وللدين العام، ولترنح أسعار النفط؟!
3- وإن كانت الإجابة على السؤال أعلاه بـ «نعم»، فالسؤال الآخر يقول: هل المسألة مبنية على عملية التقشف وتقليل النفقات؟!
4- وهنا أيضاً إن كانت الإجابة بـ «نعم»، فلماذا التقشف في أمور معنية بالناس مباشرة وتمس جيوبهم وحقوقهم التقاعدية وتزيد عليهم الأعباء المالية، في وقت لم نشهد فيه «تقشفاً» بشأن نشاطات بعض الجهات من إقامة فعاليات ومشاريع وسفرات ومزايا وغيرها؟!
5- وأهم الأسئلة هنا، لماذا يتم طرح الموضوع بهذا الغموض، وألا توجد نية لدى أصحاب القرار لأخذ رأي الناس ومعرفة انطباعهم، وبناء القرار وفق مصلحة المواطن؟! أليس من شعاراتنا «مشاركة الناس في صنع القرار»؟! فأين هذه المشاركة؟!
الفكرة فيما نقول، إنه ليس من النجاعة «الإضرار» بحقوق المواطنين من أجل «التعويض» في ملفات أخرى كالميزانية والدين العام، فالمواطن ليس مسؤولاً عن أية تراجعات أو إخفاقات بشأن بعض السياسات والمشاريع، هو ليس صاحب قرار، حتى «نلزمه» بدفع «ضريبة» هو غير موافق عليها.
أخطر شيء يمكن أن تقع فيه الدولة هو أن تقوم بعض القطاعات فيها باعتماد سياسة لا يتفق عليها الناس، بل على العكس تولد لديهم «الممانعة» و«الإحباط» و«السخط»، هذه سياسات خطرة جداً لابد وأن توضع في الاعتبار عند القيام بأي خطوة، فنحن لا نريد الانتهاء لحالة من التذمر الشعبي، لا يستفيد منها إلا الكاره لهذه الأرض والمتربص بها.
عموماً، في الوقت الذي نطلب فيه من الدولة مراجعة هذا التوجه، ودراسة أبعاده وتبعاته بجدية، نطالب مجلس النواب بأن يكون له موقف وكلمة من المقترح، قبل سنوات كان الناس يستاؤون من المجلس النواب لأنه فشل في إقرار «زيادة في الراتب»، فماذا تظنون يا سعادة النواب سيكون حال الناس لو فشلتم في منع «تقليل الرواتب» و«تقليص مزايا التقاعد»؟!
هذا الملف بالتحديد هو المحك أمام السلطة التشريعية، بأمل أن تكون الدولة أسبق منهم في الاستماع للناس وحماية مكتسباتهم.
لا يعقل يا جماعة أن نصل لمرحلة تكون فيها المعادلات مختلفة، فبدلاً من أن يطالب الناس بمزيد من الخدمات وتحسين في المعيشة ورفع للرواتب، أصبحوا يطلبون عدم المساس بما لديهم والتقليل منه.
وفي النهاية نقول، بأنه لو كانت الخطوة لتقليل النفقات وترشيد الإنفاق، فهناك حلول أخرى كثيرة عبر تقليل مصروفات الجهات الحكومية، هناك حلول أخرى، غير جيب المواطن وحقوقه.