ما يقوله الناس أن الحكومة لم تبذل جهداً في البحث عن بدائل لحل مشكلة العجز والدين العام إلا أن تأخذ الفارق من جيب المواطن، في حين أن هناك بدائل، وهناك نماذج لدول لم تستمع لنصائح البنك الدولي وتجاوزت أزماتها.
ما يقوله الناس أن الحكومة لم تبذل جهداً في البحث عن بدائل لزيادة مواردنا غير النفطية، وما يقوله الناس أن البدائل موجودة ولكن لا يعرفون السبب في عدم اعتمادها من قبل الحكومة.
هناك أزمة اقتصادية الكل متفق على ذلك ولكن الاختلاف يدور حول الحلول والبدائل، والحكومة طبعاً كالعادة تلتزم الصمت وتعمل بإصرار على ما اختارته هي من حلول، هل صمتها دليل على أن ما اتخذته من قرارات ليس بالإمكان أفضل مما كان؟ أم أن صمتها دليل عجزها وقلة حيلتها في التواصل؟ أم أن صمتها يدل على أن ثقتها في قدرة الآخرين أن يقدموا بدائل معدومة؟ الله أعلم.
ما يقوله الناس أن هناك عقولاً في هذا البلد لا تستشار ولا يؤخذ برأيها ولا يوثق بقدراتها وإمكانياتها، في حين أنها موقع تقدير واحترام وتستشار من قبل حكومات أخرى.
هل من باحث عن الحسنات يجمع هذين الرأسين في الحلال؟ هذه العقول وهذه الحكومة معاً، يعقدان ورشة عمل موسعة يجمع على طاولاتها أعضاء الحكومة الموقرة من جهة وغرفة التجارة والجمعيات الاقتصادية وأعضاء مجالس الإدارة ووكلاء المالية وأعضاء مجلس التنمية الاقتصادية واللجان المالية في السلطة التشريعية ومدراء البنوك ولا مانع من استضافة مستشارين من دولة الإمارات وحبذا من المملكة العربية السعودية من مستشارين وخبراء ورجال أعمال لهم استثماراتهم في البحرين من جهة أخرى، وتدار هذه الورشة باحترافية بدون مجاملات ولا كلمات احتفاء تضيع الوقت، تبحث كل طاولة مستديرة فيها أحد الملفات الاقتصادية وتضع التشخيص وتقدم الحل، وتعرضه في نهاية اليوم وتقدم ما توصلت إليه من حلول بديلة، ربما ... ربما نخرج ببدائل مثمرة، ربما تتغير الاتجاهات، ربما نسمع شيئاً مغايراً ربما نعرف أين موطن العلة، ربما نجد الدواء في أفضل وأجود أنواع الشجر الذي أهملنا استشارته، ولن تخسر الحكومة شيئاً، وقد تتفق العقول في النهاية بأن الحلول التي اتخذتها الحكومة لا بدائل عنها بالفعل، فيتحمس الجميع لمساعدة الدولة لا الحكومة فحسب.
ما المانع ؟ ما الذي ستخسره الحكومة إن لم تستفد من هذه الاستشارة؟ قيمة الغداء؟ قابلون ببعض المقبلات على الطاولة (تصبيرة)... اعتبروه (عرساً) ولن يكلف الحكومة واحداً من عشرة من قيمة عقد لشركة أجنبية لتقديم الاستشارة... و ياما دفعنا) أقل الأرباح أن الحكومة ستسكت المنتقدين الذين (يدعون) أن هناك حلولاً أخرى.
إنما حكومتنا كالقطار السريع الذي لا يريد أن تكون له محطات توقف وتقييم مسار، قطار فاقد الثقة بقدرات مساعديه ومهندسيه وعقول أبنائه، مصر على الدائرة الصغيرة فقط من أعضائه، يتخذ القرارات وينفذها ولا يريد أن يسمع الرأي فيما اتخذه من قرارات، ولا يثق بأن أحداً يملك البدائل غيره.