هنا معلومات مثيرة عن «المنتصرة للشعوب المضطهدة»، حيث قالت إحدى الصحف الأردنية أخيراً إن إيران «تقف وراء معظم عمليات التهريب التي تصل إلى الأراضي الأردنية، بالإضافة إلى أطراف دولية أخرى». وحسب صحيفة «ودنا» فإن «إيران وأطراف دولية تسعى إلى إغراق الأردن بالمخدرات والسلاح بسبب موقفه من الأزمة السورية». ومقابل البعض القليل الذي قد يستغرب من هكذا معلومة وهكذا اتهام يتوفر البعض الكثير الذي يعلم أن «إيران باتت إحدى أكبر الدول في العالم التي تغرق في مستنقع إدمان المخدرات والاتجار فيه، وأن النظام الإيراني لا يزال عاجزاً عن التحرك لوقف هذه الظاهرة، أو معالجة المشكلة من جذورها».
في إيران تتفاقم أزمة تعاطي المخدرات، وأعداد المتعاطين في تزايد، والبعض يؤكد أن فيها ستة ملايين مدمن يستهلكون خمسمائة طن مخدرات سنوياً. وكما انتشر في الأخبار فإنه حسب ما أعلن نائب رئيس لجنة مكافحة المخدرات في إيران علي رضا جزيني تم أخيرا ضبط أكثر من خمسين طناً من المخدرات، واعترف أن إيران باتت من أكثر البلدان عرضة لتهديد هذه الآفة.
جزيني وغيره أكدوا مرات أن إيران أحد الممرات الأساسية لانتقال المخدرات إلى بقية بلدان العالم، فهي جارة لأفغانستان التي تعد أكبر بلد لزراعة المخدرات وإنتاجها في العالم، وأنها تتصدر عملية التهريب مستفيدة من موقعها الاستراتيجي وسط قارات العالم، وأن الخسائر الناتجة عن إنتاج وتعاطي المخدرات في إيران بلغت ما يقارب 3 مليارات دولار، وأن واحداً في المائة من طلبة المدارس يتعاطون المخدرات، وأن نحو مائة شخص يضافون يومياً إلى عدد المدمنين الذين يموت منهم العشرات يومياً بسبب التعاطي المفرط، وأن الآلاف من مدمني المخدرات الذين لا مأوى لهم، في العاصمة طهران والمدن الرئيسة الأخرى، ينامون في الحدائق والشوارع في بيوت من الكارتون التي لا تقيهم من برد الشتاء ولا من حر الصيف.
في هذا الخصوص كان لافتاً ما قاله الدكتور جعفر الهاشمي الباحث في الشؤون الإيرانية، لقناة «الإخبارية» السعودية مؤخراً من أن تزايد سوء الظروف الاجتماعية بعد الثورة الإيرانية والفشل الذي نتج عن السلطة والحكم القائم سبب مستوى كبيراً من البطالة والمشاكل الاجتماعية، وولد واقعاً نفسياً مريراً دفع بالكثير من الفئات والشرائح الاجتماعية للجوء إلي المخدرات، وأن الواقع الاقتصادي بسبب البطالة دفع بشرائح كبيرة من الشعب للاتجار في المخدرات.
وحسب موقع «العربية نت» فإن إيران تعتبر أكبر مشتر للمخدرات في أفغانستان، ومن ثم تعمل على إعادة تصديرها للدول الأخرى بإشراف ضباط من الحرس الثوري، عن طريق العراق أو السفن في الخليج العربي وبحر عمان، وهو ما أكدته أيضاً برقيات دبلوماسية سربها موقع «ويكيليكس»، بينما سبق لمسؤولين عراقيين أن أكدوا أن إيران تستخدم نفوذها في العراق من أجل تصدير المخدرات إلى دول الجوار وخاصة دول الخليج العربي وأن الحدود المشتركة بين العراق وإيران تنشط فيها عصابات محترفة تقوم بعمليات تهريب لمختلف أنواع المخدرات. يؤكد ذلك أن جمارك دول مجلس التعاون سبق أن أعلنت مرات عن ضبط كميات كبيرة من المخدرات وتبين أن أكثر المتورطين فيها إيرانيون، وأنه سبق أن أعدمت المملكة العربية السعودية العديد منهم بعد ثبوت تورطهم في هذه الجريمة.
العالم إذن أمام تناقض مثير فيما يخص هذه «الدولة» التي ترفع الشعارات الإسلامية ورايات الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان وآلت على نفسها «الدفاع عن الشعوب المضطهدة» بينما هي تتاجر في المخدرات وتسعى إلى إيذاء شعوب الدول الأخرى بها وخصوصا تلك التي تتخذ منها موقفاً ولا تسايرها. ولا تستثني حتى شعبها المسكين.