لا يستهوينــي الجلوس على الأرض، وأفضل الجلوس على مقعد، إلا أن جلوسي على الأرض في دار جناع هو أمر مكمل لعراقة المكان، وإلى الرجوع للماضي العريق حيث كان أجدادنا وآباؤنا يتخذون من الأرض مقاعد لهم.
دار جناع في أزقة الحالة هو صرح معماري رائع احتضنته هيئة البحرين الثقافة والآثار لتحوله إلى تحفة فنية رائعة.
فلكم أن تتخيلوا الدار الموسيقية وهي تفتح أبوابها بالمجمل، وترتفع ستائرها الحديدية لتكون مفتوحة بالكامل أمام بيوت الحي!!
شيء يصعب وصفه بالكتابة.. شيء أشبه بالخيال، فالدار دون أبواب، فإيمان من الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار بأن الفن للجميع قررت أن تجعل الفن في متناول الجميع عبر هذا الطراز المعماري الرائع المفتوح الذي سجل إعجاباً عالمياً في مجال الهندسة المعمارية.
أن تفترش الأرض وتجلس على «الدوشق» وهي الجلسة الأرضية التي اعتاد العرب على الجلوس عليها قديماً، لتتفاجأ بأن جميع الأبواب تفتح وتجد نفسك فجأة في وسط أحياء طريق اللؤلؤ الرائعة، وتجاورك فرقة بن جناع لصوت الفجري.. هناك تكون بالفعل في وسط عالم من العراقة والثقافة والفن!!
صوت الفجري هو أحد الفنون الشعبية البحرية، حيث كانت السفن التي تبحر تتخذ من ضمن طاقمها الأساسيين «نهام»، وكان وظيفته أن يضفي جواً من البهجة لهؤلاء الغاصة، الذين أخذ فيهم التعب ما أخذ!! وكان فن «الفجري» أحد الفنون التي تعبر عن «آهات» الغاصة وتعبهم واشتياقهم!!
في دار جناع قابلت محافظ المحرق الوجيه سلمان بن هندي وكان في قمة اندهاشه من روعة المكان والتأثر بهذا الفن، قال لي: «اسمعيهم بقلبك.. إنهم لا يغنون.. إنهم «يتأوهون» ألماً.. هكذا كان آباؤنا وأجدادنا يواجهون آلامهم وشوقهم وهم في عرض البحر!!
دار جناع.. مشروع تراثي رائد يفتح أبوابه «المفتوحة أصلاً» للجميع بالمجان ليستثمروا أوقاتهم في التعرف على هذا الفن الرائع، فشكراً لهيئة الثقافة والآثار التي أخذت على عاتقها إحياء التراث في هذا القالب العصري الخلاب.