من أهم الأمور التي يجب أن تنتبه إليها الدولة في مراحل الهزات الاقتصادية والمالية على الصعيد المحلي، هو تشجيعها ودعمها للمشاريع الصغيرة ولبقية التجار الصغار وربما حتى الكبار منهم في غالب الأحيان، فالتاجر البحريني، صغر أم كبر، يجب أن يكون محط اهتمام الدولة بشكل عام، وفي وقت الأزمات الاقتصادية بشكل خاص.
ليس للتاجر البحريني الصغير من حاضن له في طول مسيرته التجارية سوى الحكومة، ومن ثم يأتي الدعم الأهلي من طرف بقية المواطنين عبر تشجيعه لأجل استمرارية التاجر داخل السوق، وفي حال رفعت الدولة يدها عن دعم التاجر الصغير فإنه سوف يتلاشى مع موجات العواصف المالية التي تضرب الأسواق بين الفينة والأخرى، أو عبر وضع المزيد من العراقيل في وجهه، سواء عن طريق فرض ضرائب إضافية مقنَّعة قد تُنهي وجوده إلى الأبد، أو من خلال مجموعة من العمليات البيروقراطية المملة والتي ربما تدفعه للتفكير مليَّاً في ترك السوق والاتجاه لوظائف أخرى أكثر أمناً منه، وفي كل الحالات فإن الخاسر الأكبر من هذا الجمود السلبي غير المدروس هو اقتصاد الدولة نفسها والمجتمع كذلك.
اليوم، يتحدث غالبية التجار الصغار من البحرينيين عن همومهم الكبيرة المتمثلة في رسم المزيد من العراقيل في وجوههم، مثل إلزامهم بتوظيف البحرينيين مقابل توظيف الأجانب، وإلا سيضطرون لدفع الجزية التي تصل الى نحو 300 دينار لكل عامل أجنبي، وفي حال كان التاجر يمتهن عملية المقاولات التي تعتمد على الأيدي الفنية كتجار الأحجار والرخام على سبيل المثال، فكيف له أن يقوم ومن خلال مكتبه المتواضع بتوظيف أربعة أو خمسة من البحرينيين؟ والسؤال الأكثر دقة في هذا الإطار، هل سيحتاج التاجر البحريني الصغير أصلاً لهذا الكم من البحرينيين في عمله، أم إنها مجرد قوانين وتشريعات تعجيزية أو «تطفيشية» من طرف الجهات المعنية لأجل مغادرته السوق؟
لا يمكن أن يكون شعارنا الذي نردده على الدوام هو «التاجر البحريني أولاً»، وحين يأتي وقت الجد ووقت العمل نجد أن كل الضغوطات الكبيرة تلقى على عاتق تاجرنا البحريني بشكل تجعله يهرب بجلده من السوق، فالدعم يجب أن يطال كل تاجر بحريني من أجل استقرار السوق الداخلية وتدوير رؤوس الأموال داخل هذه السوق وداخل البلد وليس خارجه، وإذا كانت هناك من ضرائب ورسوم مالية مضافة على هذه الشريحة فإنها لا يجب أن تكون كبيرة أو مؤثرة على الإطلاق، بل ومن وجهة نظرنا يجب أن تلغى كل الرسوم أمام التاجر البحريني حتى يستطيع أن يتوسع ويتمدد خارج الوطن لا أن ينكمش في سوقه الصغير، فحين نخسر أسواقنا المحلية من خلال خسارتنا للتاجر البحريني فإننا سنخسر المزيد بسبب ضعف الحركة الاقتصادية والشرائية، مما سيصيب سوقنا المحلية الوطنية في مقتل، ومن هنا يجب أن يعاد النظر في تلكم الرسوم والعقبات البيروقراطية التي تضعونها في وجه التاجر الصغير، إن لم يكن إلغاؤها هو الحل الأمثل لاستمراريته بكل أريحية دون ضغط أو عناء.