يقترب شهر رمضان المبارك بقوة ولكن لا تزال الساحة المحلية خالية إلا من بعض الأقوال المعبرة عن الأمنيات والأفكار البسيطة التي لا يمكن أن تسهم في حل مشكلتنا، ما يجعل المرء يعتقد أن الشهر الكريم سينتهي من دون أن نستفيد منه، سياسياً. فشهر رمضان في البحرين فرصة للتواصل والتفاهم بين مختلف الأطراف ذات العلاقة بالمشكلة المعنية هنا حيث يستفيد الجميع من الروحانية التي يتميز بها، وفيه يمكن أن تزال الكثير من العقبات التي يصعب إزالتها في بقية شهور السنة.
ولأن الاستفادة من الشهر الكريم سياسياً لا تكون إلا من خلال خطط تضعها الأطراف ذات العلاقة تسبقها تصريحات ممهدة ومعينة على تشجيع الآخر ليتجاوب، لذا فإن المطلوب من «القياديين» في الجمعيات السياسية أن يلتفتوا لهذا الأمر قبل أن تضيع الفرصة.
مجالس رمضان في البحرين تستقبل الجميع وأصحابها يرحبون بالجميع ويفرحون بهم، ويمكن لهؤلاء أن يستفيدوا منها بتبادل الزيارات وتكثيفها وتأكيد أن ما هو حاصل قابل لأن ينتهي سريعاً. لنتصور أن وفداً من جمعية «الوفاق» زار مجالس كانت قد أدرجتها في قائمة «المجالس المحظورة» بالنسبة لها، وقام وفد من جمعية أخرى «ليست على وفاق مع «الوفاق»» بزيارة المجالس التي تخص هذه الجمعية أو محسوبة عليها وكانت قد أدرجتها في قائمة «المجالس المحظورة»، ولنتصور أن الجميع زار الجميع، ترى كيف سيكون الحال؟ الأكيد هو أن هذه الزيارات يمكن أن تذيب الكثير من الجليد ويمكن أن تزيل من النفوس الكثير مما علق بها ويعيق التفاهم.
هذا أمر ينبغي أن يكون ضمن أولويات الجمعيات السياسية وغير السياسية، وأن يكون أحد الأهداف بل أبرزها والتي عليها أن تحققها في شهر رمضان. وبالتأكيد فإن الزيارات هذه ينبغي أن تشمل مجالس القيادة وكبار المسؤولين في الدولة أيضاً والذين من الطبيعي أنهم يرحبون بمن يأتيهم ويقدرونه ويقدرون خطوته ولا يتأخرون عن رد الزيارة بطريقة أو بأخرى.
هذا الحراك مهم جداً أن يتم في شهر رمضان المبارك، ومهم جداً التخطيط له من قبل الجميع بشكل جيد وواع وعدم ترك الأمور للصدفة، فمثل هذه الزيارات ليست للتهنئة بحلول الشهر الكريم فقط ولكنها سياسية بالدرجة الأولى، وإن جاءت في قالب اجتماعي.
ليس في الأمر حرج، وينبغي ألا يكون فيه، فكلنا أهل، وقيام هذه المجموعة أو تلك بزيارة في الشهر الكريم لهذه المجموعة أو الجمعية أو الشخصية أو تلك لا ينقص من قيمة الزائر بل على العكس تزيده احتراماً وتقديراً من الجميع.
ليس الجمعيات السياسية فقط ولكن الأشخاص البارزين في العمل السياسي أو الاجتماعي من مختلف التيارات أيضاً عليهم أن يقوموا بهذا الأمر. إن شخصاً مؤثراً في مجموعة ما لو أنه قام بزيارة مجالس الأشخاص المحسوبين على تيار مخالف لتياره من شأنه أن ينتج أموراً موجبة، فمثل هذه الزيارات هي في كل الأحوال رسائل مهمة يتم تبادلها من شأنها أن تفضي في النهاية إلى ما يعود بالنفع على الجميع، خصوصاً أنها ستحظى بتغطية إعلامية وستكون حديث الناس.
يكفي ما مر على وطننا الحبيب من آلام، وقد حان الوقت للخروج مما صرنا فيه وصار الجميع متضرراً منه، وحان الوقت ليحصل العقل والحكمة على فرصتهما للعمل، ولأن شهر رمضان شهر غير عادي ويكون فيه الجميع مؤهلاً لتقبل الجميع بسبب الروحانية التي يتميز بها هذا الشهر، لذا فإن من المهم أن يستغل الجميع هذه الفرصة لتذويب الكثير من المعيقات وتليين المواقف والوصول إلى رص الصفوف، فما يدور حولنا وقريباً من دارنا ينذر بشر مستطير.