لم أكترث مثل أغلب الناس بالإشاعات المتنامية حول موضوع تغير مزايا التقاعد وإلغاء مكافأة نهاية الخدمة، ليس لسبب سوى أني ببساطة بعيدة كل البعد عن التقاعد، ولا أريد أن أجهد عقلي بالتفكير في موضوع يفصل بيني وبينه عشرات السنين، ناهيكم عن أنني أجهل أصلاً مفاهيم وآلية احتساب التقاعد! وكلما حاولت جاهدة أن أفهم النظام أراه معقداً بدرجة تجعلني أؤجل موضوع فهمه.
وعندما ثارت الشائعات حول موضوع مزايا التقاعد ومكافأة نهاية الخدمة اشتعل الرأي العام، وقام نفر بلعب دور الإفتاء والتشريع، وأصبح عدد من النواب وقادة الرأي الإلكترونيين «يتحلطمون» حول الموضوع، ويبالغون ويزايدون حول الموضوع.
إلا أن خرج لنا صاحب السمو الملكي رئيس الوزراء الموقر مطمئناً شعبه كعادته مؤكداً عدم المساس بمكافأة نهاية التقاعد.
وبالرغم من أن التطمينات جزئية لأنها لم تشمل تطمينات حول المزايا التقاعدية، إلا أنها أثنت الكثيرين عن قرار التقاعد والتعطل عن العمل، لاسيما هؤلاء المخلصون الذين سيؤثر تركهم لأعمالهم على سير العمل خصوصاً في الجانب التعليمي أو الصحي.
أؤمن إيماناً قاطعاً بأنه لا يوجد دخان دون نار، وأن الفارغ الذي تخلفه قلة وشح المعلومات جدير أن يصنع لنا أزمة وليست شائعات فقط!!
ولكن بعض الموضوعات ليست بجديدة!! فمثلاً فيما يتعلق بزيادة مبلغ الاشتراكات في نظام التقاعد والتأمين أو زيادة سن التقاعد هو ليس بجديد! فلقد دشنت الهيئة خطتها للعامين 2015 إلى 2017، حيث احتوت هذه الخطة على «تدارس الهيئة رفع سن التقاعد لتعديل وضع الصناديق!! فأين نحن أو أين السادة النواب من إصدار مواقفهم إزاء ما كتب في خطة الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي؟! لماذا تكون جميع تحركاتنا ردات فعل؟! لماذا لا نبدأ نحن بالفعل؟! لماذا لم يحرك أحد ساكناً سواء منا أو من السادة النواب أو أي طرف عندما أصدرت الهيئة خطتها المعلنة؟! لماذا لم نقف ونقول إننا لا نرضى بالمساس بمكتسبات العاملين؟! لماذا لم يصدر المجلس النيابي منذ لحظة صدور خطة التأمينات بياناً «يستنكر» فيه رفع سن التقاعد على أقل تقدير؟! ألم يكن من الأجدى أن يجلس ذوو الشأن لوضع خطط مثالية لحل مشكلة «العجز الاكتواري» الذي تحدث عنه الخبراء منذ سنوات؟! أليس من الأجدى أن نراجع سياساتنا في هذا الشأن ونضع الحلول المناسبة لضمان عدم تفاقم الموضوع!!
فلماذا نبكي الآن على اللبن المسكوب؟! لماذا نثور؟! لماذا نتفاجئ؟! فالموضوع ليس جديداً وهو ليس مجرد إشاعة طائشة غير مبنية على معلومات حقيقية!! ولا هي بالونة اختبار، هو أمر واقع، شأنه شأن رفع أسعار البنزين، ورفع الدعم عن اللحم.