تعد العدالة الاجتماعية أحد ركائز حقوق الإنسان وفي الوقت ذاته أحد التحديات التي تواجهها الدول، لما لها من ارتباط بالبعد الدولي والتراكمات التاريخية والسياسية والجغرافية والتنموية، وحين يتطرق هذا المقال للعدالة الاجتماعية فإننا لا نشير إلى مبادئ التعايش السلمي عن طريق تحقيق المساواة للجنسين وإزالة الحواجز التي تقف في وجه الشعوب لأسباب مختلفة، كنوع السن أو الانتماء أو العرق أو الدين أو الثقافة أو العجز، فذلك متحقق دستورياً وتشريعياً وتعمل الدولة على وضع المشاريع التي تعزز تلك المبادئ.
ولكننا نشير إلى مدى تحقق العدالة الاجتماعية في الخدمات التي تنطلق من الحقوق الاجتماعية التي مبعثها حقوق الإنسان، خاصة تلك التي تقدمها الدولة للمواطنين من خدمات إسكانية واجتماعية وصحية وتعليمية لما لهذه الخدمات من تأثير مباشر على أداء الحكومة والسلطة التشريعية والرقابية.
جهود الحكومة لتحقيق العدالة
المتتبع للجهود المبذولة يلحظ أن الهدف الرئيس للبحرين هو تحقيق أكبر قدر من العدالة الاجتماعية، وعلية جاء برنامج عمل الحكومة بمحور التنمية البشرية والخدمات الاجتماعية ليؤكد على الخدمات الإسكانية والتعليمية والصحية والاجتماعية لما لها من تأثير مباشر على المواطن، ولضمان تحقيق العدالة الاجتماعية في تنفيذ هذا المحور، جاء ببرنامج عمل الحكومة خارطة طريق للمسؤول تمثلت في الأولويات الاستراتيجية والسياسات التي تمثل العناصر التي تحقق الأولويات، ثم المبادرات المعنية بالبرامج والمشاريع التي تحقق السياسات ثم الإجراءات التنفيذية المعنية بالآليات التي تنفذ المبادرات.
تساؤلات مواطن
هناك عدة تساؤلات تدعمها حقائق على ارض الواقع يطرحها المواطن على القائمين على بعض الوزارات الخدمية إذ تمثلت في التالي:
ما يتعلق بالإسكان: هل مازالت لدينا طلبات إسكانية منذ 1994 على قوائم الانتظار وهل هناك من استفادوا من الخدمات الإسكانية رغم حداثة طلباتهم ولماذا؟ وهل هناك من وصل إلى سن التقاعد ولم يحصل على وحدة سكنية وكيف سيكون التعامل مع طلبه؟
الصحة: لماذا لا توجد رؤية واضحة فيما يخص البرامج والتخصصات الواعدة والمتميزة مثل البرنامج الوطني لزراعة الأعضاء، ولماذا الضبابية في التعاطي مع موضوع الفصل بين الطب العام والخاص، وأين الكوادر الإدارية المتميزة عن حل المشاكل المزمنة مثل مواقف السيارات ونقص الأسرة، وما سبب هجرة الأطباء والأخصائيين بالسلمانية إلى مستشفيات السعودية والخاصة؟
الخدمات الاجتماعية: هناك حالات إنسانية حرجة تحتاج للرعاية ولم تتمكن التنمية الاجتماعية من توفير هذه الخدمة رغم الحاجة الماسة؟ وهل وعود المسؤولين بالتنمية الاجتماعية للمواطن تصنف ضمن عدم المصداقية «الكذب» إن لم تتحقق.
التعليم: لِمَ لا يوجد ثبات في الخطط الدراسية بما يتمشى مع تطوير المناهج، وما سبب محدودية عدد ساعات مادة المواطنة مما يجعلها مادة ثانوية، ما يتعلق بمخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل، أين المرصد الذي جاء ببرنامج عمل الحكومة؟
إلى من يهمه الأمر
* السلطة التنفيذية: إن الجهود المبذولة مصدر فخر واعتزاز كما إن برنامج عمل الحكومة سهل على المتتبع قياس الأداء في ظل غياب قياس السلطة التشريعية للبرنامج، ولكن محركات التنفيذ «المسؤولين» جزء أساس لبلوغ الأهداف المرجوة. هناك تفاوت في تقديم الخدمات يكرس مفهوم عدم العدالة الاجتماعية رغم خارطة الطريق التي وضعت للمسؤولين. وعليه نتمنى الوقوف عند تلك التساؤلات لمعرفة مكامن الخلل والقصور لدى المسؤولين.
* السلطة التشريعية: إن تحقيق التزامات برنامج عمل الحكومة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية والقانونية، التي مبعثها التنمية القائمة على نهج يلبي التمتع الفعلي بمختلف فئات حقوق الإنسان، يستوجب عمل مخلص متجرد من المكاسب المناطقية والطائفية والحزبية والإعلامية.