والله مهما قلنا وكتبنا، فإنه لا يمكننا إيفاء رجال الأمن البواسل حقهم نظير تضحياتهم وجهودهم المبذولة في مواجهة الإرهاب الذي يستهدف بلادنا.
أمس الأول شهدت البحرين حادثة أليمة تمثلت باستهداف لرجل أمن مخلص، والذي ندعو له بأن يمن الله عليه بالشفاء ويعود لعائلته سالماً معافاً.
الاستهداف تم بأسلوب حرب العصابات، واستخدمت فيه الرصاصات الحية، في مشهد يمكن أن يكشف بوضوح ملامح الإرهاب الذي تتعامل معه البحرين، وكيف أننا نواجه اليوم عصابات منظمة وتمتلك أسلحة وذخائر هدفها إصابة وقتل رجال الشرطة.
نحمد الله أنه تم القبض على بعض المشتبه بهم، وأن هذه المسألة ستؤدي للقبض على بقية الإرهابيين، الذين لابد وأن يواجهوا أحكاماً قاسية باعتبار أنهم «شرعوا في قتل رجل أمن».
هذا ما تعانيه البحرين داخلياً فيما يتعلق بالأمن الوطني، نعاني من وجود جماعات إرهابية، باتت تستقوى بما يصدر عن «هرطقات» تحت مسمى «بيانات» لجمعيات واضح تماماً دعمها الصريح للإرهاب وأهله، كونها توفر دائماً الغطاء لهم، وتبرر أفعالهم، وتحاول بـ «سطور» بياناتها المسمومة أن تساوي «أهل القانون» بـ «الخارجين على القانون».
قلناها مراراً، لا تلوموا الإرهابي على أفعاله الإجرامية، بل لوموا «أولاً» من يحرضه، ومن يشجعه، ومن يدعمه، ومن يحاول تسخير المحامين له، ومن يحاول أن يصوره في الإعلام الخارجي على أنه بريء وتم استهدافه، ومن يحاول تضليل المجتمع الدولي، ليبرز «قاتل رجال الشرطة» على أنه «حمامة سلام».
في تقرير لإحدى الصحف البريطانية قبل أيام، ذكرت الصحيفة في محاولة استهدافها للبحرين، بأن هناك عدداً من المحكومين بالإعدام، لكنها طبعا - وكالعادة - لم تذكر أن هؤلاء المحكومين، مدانون وبالإثباتات والشهود والأدلة بعمليات «قتل» استهدفت رجال الشرطة.
في أي عرف دولي يمكن تصوير قاتل رجال شرطة، وشارع في قتلهم، على أنه مدافع عن الحقوق والحريات؟!
عملية القتل والاستهداف البشري ما هي إلا بلطجة، ما هي إلا أفعال لا يقوم بها إلا الإرهابيون والخارجون على القانون، وهؤلاء عقوبتهم معروفة، ومتفق عليها دولياً.
الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، من الدول التي تمنح رجال الأمن حق الدفاع عن النفس، وباستخدام الرصاص الحي، وحتى أن قتلهم للمعتدي أمر محمي بالقانون، إن كان المعتدي يستهدف قتل رجل الأمن.
بل حتى رجال دوريات المرور هناك، إن لم ينصاع المخالف للقانون، ولم يخرج من سيارته رافعا يديه، مذعنا لتطبيق القانون، فإن أي حركة مباغته مفاجئة من جانبه، تقابلها بالضرورة استخدام للسلاح الناري من قبل رجل القانون.
بالتالي استهداف رجال الأمن جريمة متوافق عليها عالميا، وعملية الدفاع عن النفس حق مكفول لرجل الأمن، والذي مهمته الأساسية حفظ الأمن القومي وأمن البشر وتطبيق القانون بالتصدي للإرهابيين والمجرمين.
الاستهداف الأخير لرجل الأمن بغية قتله، يضاف إلى قائمة طويلة من الجرائم التي راح ضحيتها شهداء في صفوف رجال الأمن البواسل، دون نسيان القائمة الطويلة للأبطال الذين تعرضوا لإصابات متفاوتة، بين مزمنة وبليغة وبسيطة.
أشك بأن هناك دولة بحجم البحرين يتم استهداف رجال الأمن فيها بهذا الشكل، هذه مسألة لابد وأن ينظر لها المجتمع الدولي بعيون مفتوحة، لا بعيون عليها نظارات سوداء قاتمة، لا ترى الحقيقة، ويتم استغفالها عبر عناصر انقلابية وذات ولاء خارجي، أو عبر جمعيات هي تمارس «النخاسة» باسم حقوق الإنسان.
جهود وزارة الداخلية البحرينية مقدرة في حفظ الأمن والنظام وحماية المجتمع من الإرهاب، ومهما قلنا في حق الرجل القوي الشيخ راشد بن عبدالله وزير الداخلية ورجاله البواسل فلن نوفيهم حقهم، رجال يضحون بأنفسهم لأجل هذا الوطن وأهله.
وعليه لابد من المحاسبة القوية بالقانون لكل من حاول استهداف رجال الأمن، ولابد من تطبيق القانون أيضا على المحرضين وجوقة الداعمين من «الملعلعين» في الإعلام الإيراني بالأخص، ومن أصحاب البيانات المضللة التي تدس السم في العسل، ومن الداعين لكراهية النظام ومناهضته، فقد بلغ السيل الزبى بالفعل، ووصلنا لمرحلة نصب الكمائن لرجال الواجب ومحاولة قتلهم بالرصاص.
هذه الحادثة وقبلها السجل الكبير الموثق لاستهداف رجال الأمن، وعدد الشهداء والمصابين، لابد وأن تعرض بشكل دائم ومستمر في الإعلام، ولابد أن يصل ذلك للإعلام الأجنبي، ولابد أن يكون لسفاراتنا في الخارج دور في بيان الحقيقة الحاصلة على الأرض، فالبحرين ليست تعاني من تداعيات حركات مشروعة تطالب بمزيد من الديمقراطية والحريات، بل البحرين تعاني من إرهاب منظم، له محرضون وداعمون ومدافعون. هذه هي الحقيقة ولا شيء غيرها.