مهم التمهيد لشهر رمضان المبارك بالتوقف عن الكلام الذي يسهل إدراجه في باب الثرثرة، والذي لا ينتج عنه ما يفيد، فموضوع مثل توصيات بسيوني يفترض أنه انتهى لأن الحديث فيه لا يوصل إلى شيء، ولا يسهم في حل المشكلة، ولأن تلك المرحلة انتهت والأخذ بتوصيات بسيوني أو عدم الأخذ بها مسألة تختلف الإجابات عنها باختلاف الزوايا التي يتم النظر من خلالها إلى تلك التوصيات. كما أن إعطاء كل تصريح يصدر عن الحكومة أو أي مسؤول أو جهة أبعاداً أكثر مما يستحق وتفسيرات عن توقيته وأسبابه أمر لا طائل من ورائه ويزيد الأمور تعقيداً.
ليس الرد على هذا التصريح أو ذاك وليس الاجتهاد في معرفة توقيت صدورهما هو ما يمكن أن يحل المشكلة. مشكلتنا تحل بأمور عدة أحدها التوقف عن الكلام الذي يضر ولا ينفع، ويدخل في باب الثرثرة ويؤلب الناس ضد الحكومة وضد الوطن. الكلام الناقص لا قيمة له ويؤذي، والعاقل هو من يسعى إلى توفير الكلمة الطيبة التي تشجع الآخر على قبولها وتبنيها ويمكن أن تسهم فيما يفيد الوطن والمواطنين.
ليست هذه دعوة لإخراس «المعارضة»، ولكن لتوقف من لا يزيد كلامه الطين إلا بلة عن الكلام غير المفيد وترك الأمر لـ «القياديين» في الجمعيات السياسية ليقوموا بدورهم وواجبهم من دون تشويش، فهؤلاء «يشتغلون سياسة»، وتقدير من يشتغل سياسة للأمور وتفسيراته للأقوال والأفعال تختلف عمن هو منشغل بها ولا علاقة حقيقية بينه وبينها، فللسياسة أبواب لا يدركها العامة، ودخولهم في هذه المساحة يمكن أن يتسبب في تعطيل الأهداف التي يسعى إلى تحقيقها المشتغلون في السياسة الذين عليهم أيضا أن يستفيدوا من كل ما يمكن أن يبنى عليه من أقوال وأفعال وتطورات وأن يبتعدوا عن كل ما قد يؤثر على أي تطور إيجابي.
ما يحدث اليوم هو أن سيناً أو صاداً من العامة يستطيع عبر نشر عبارة واحدة في مواقع التواصل الاجتماعي تعبر عن رأيه الشخصي، تخريب كثير مما قام أو تقوم به الجمعيات السياسية و«قياديو المعارضة»، خصوصاً أنه يكتبها من دون أن يعرف أبعاد الموضوع وما يجري من تطورات في الساحة، فيكون قد أساء من حيث أراد أن يخدم وينفع. والأمر نفسه يحدث لو أن سينا أو صادا من الذين اختاروا البقاء في الخارج نشر شيئا من هذا القبيل بقصد أو من دون قصد.
المؤسف أن هذا الأمر يصعب منعه، فوسائل التواصل الاجتماعي لا تخضع للمراقبة، ولا توجد طرق تمنع أحداً من استغلالها. وبالتالي، فإن عملية تخريب أي مشروع أو خطوة تقوم بها الجمعيات السياسية «المعارضة» مسألة واردة في كل لحظة، لذا فإن الأسهل والأفضل لهذه الجمعيات أن تقنع أعضاءها والمحسوبين عليها بأن هذا الأمر يسيء إليها ويؤثر سلباً على عملها، ويطلب منها التوقف عن كل هذا، والحال نفسه مع أولئك القابعين في الخارج ولا يتحملون مسؤولية ما يصدر عنهم من آراء ومواقف ويعتقدون أن الكلام الكثير و«النحاسة» ينتج عنهما ربح كثير ويحقق الأهداف المأمولة.
وصف مجلس النواب مثلاً بما لا يليق من أوصاف ونعوت والتعليق على كل ما يصدر عنه من قرارات، وما يصدر عن أعضائه من أقوال ومواقف وتوجيه الاتهامات الباطلة إليه وإليهم، أمور تؤثر سلباً على عمل الجمعيات السياسية «المعارضة»، ولا تفيد الحراك الوطني. في مثل هذا الوقت نحن بحاجة إلى الكلمة الطيبة التي تعين على تقريب وجهات النظر، الكلمة التي «تبشر ولا تنفر»، ولعل البعض الذي تعود الإساءة يستفيد من اقتراب شهر رمضان ليبتعد عن هذا الأسلوب القميء.