من أكثر الملفات البحرينية المؤرقة التي يمكن أن نفتح أوراقها في كل مرة دون أن يكون لنا حق الصمت، هو ملف العمالة السائبة أو ما يسمى في أوساطنا المحلية بـ «فري فيزا»، وفي العرف الصحافي، حين لا تعالج القضايا أو لا يتم تناول معالجتها بالطريقة الصحيحة، فإن الباب سيكون مفتوحاً على مصراعيه لنقد الظاهرة حتى نجد الحل.
بالنسبة إلى ظاهرة العمالة السائبة في البحرين، فإن الجميع يتحمل مسؤولية انتشارها وتمددها ويتحمل الجميع عدم فرملة تسارعها بالشكل الذي يجعل هذا الأمر مقلقاً جداً من الناحية الاجتماعية والأمنية والاقتصادية، حيث يعلم جميعنا مدى الإضرار التي تتحملها الدول والمجتمعات جراء تفشي ظاهرة العمالة السائبة دون محاولة معالجتها بالشكل الصحيح والجذري أو دون محاسبة الأشخاص والجهات التي تسببت وتتسبب في بقائها بالشكل الذي هو عليه الآن.
عمالة سائبة تملأ طرقات العاصمة والكثير من مناطق البحرين، وبين الفينة والأخرى تقوم الداخلية مشكورة بالقبض على بعضهم تمهيداً لترحيلهم من البلاد، وما إن تنتهي الحملة الأمنية حتى تطفو على السطح هذه القضية مرة أخرى وبشكل أكبر من سابقتها، وهذا يشير إلى أن هنالك أصابع خفية وقوية تعمل في الخفاء وبشكل منظم لإبقاء ظاهرة العمالة السائبة بشكل أبدي!
إن القضاء على العمالة السائبة في البحرين يتوجب من خلاله على الدولة أن تقوم بدراسة هذه الظاهرة الخطيرة بشكل مستفيض لمعرفة الجهات التي تقف خلفها وتتاجر بها لأجل مصالحها الشخصية دون النظر إلى أهمية الحفاظ على المكتسبات الوطنية والأمنية والاجتماعية، فأول العلاج يكمن في دراسة أزمة العمالة السائبة بشكل تام ومن ثم رسم الحلول الجذرية لمحاربتها والقضاء عليها، أما أن نقوم بحملات متقطعة وعشوائية دون معالجة أساس الظاهرة فإننا لن نقضي عليها بل هي التي ستقضي علينا.
صحيح أن الجهات الأمنية تتحمل مسؤولية كبيرة بخصوص هذا الملف لكنها ليست الوحيدة التي تتحمل هذه المسؤولية، فكل فرد في المجتمع وكل مؤسسة تجارية ورسمية تتحمل أجزاء مختلفة وعليه يمكن أن نقول أن الحل بأيدينا جميعاً وليس بيد جهة بعينها، ولهذا يستوجب الملف موقفاً وطنياً قوياً من كل الأطراف دون رمي المسؤولية على جهة دون سواها، ففي مثل هذه الملفات يكون الكل مسؤولين والكل محاسبين، فالخسارة التي قد تلحق بنا جراء عدم تنظيم العمالة في البحرين هي خسارة وطن، وفي حال انفلت هذا الملف من أيدينا فإن الوضع سيكون أكثر خطورة مما قد نتصور.
يجب على الجهات المختصة أن تكون أكثر صرامة في تنظيم العمالة الأجنبية وأن تقوم بتطبيق القانون على الجميع دون وجود استثناءات، كما على الجهات الأمنية أن تكون أكثر حزماً مع المخالفين لشروط الإقامة ومن يقف خلف تلكم المخالفات، فالقضية على وشك أن تتحول لقضية أمن مجتمع وأمن دولة قبل أن تكون قضية سوق عمل، ولهذا فإن جرس الإنذار بسبب خطورة العمالة السائبة يجب أن يقرع قبل فوات الأوان.