لن أصدر أحكاماً إنما أفتح نقاشاً وأترككم تتفكرون من خلال ما هو متاح أمامكم، هل عنوان الصحيفة أداة توجيه أم أداة تضليل رأي عام؟
نحن لسنا فقط بحاجة للتعددية والتنوع في وجهات النظر، بل نحن بحاجة للتضاد أيضاً من أجل التوازن، وفي الإعلام يهمنا كمتلقين أحياناً لا كمتحدثين أن نسمع ونقرأ مختلف الزوايا للحدث، فذلك يمنحك فرصة أكبر لتقييم الموقف بشكل أكثر دقة وأقرب للواقع، إنما العنوان بالتحديد ليس عنصراً من عناصر الجذب للتغطيات الصحافية، ولكنه أيضاً أقرب إلى التوجه الفكري للوسيلة الإعلامية، السؤال حين تنقل وسيلتان إعلاميتان نفس الحدث لنفس الشخص في نفس المكان ونفس الزمان وتعرف كل منهما أهمية عنوان النص الذي ستختاره، لأنه سيكون المرشد للمتلقي، وفي أحيان كثيرة يكتفي به المتلقي – مع الأسف – فهل بالإمكان أن نسمي الاختلاف في اختيار العناوين اختلاف في وجهات النظر فحسب؟ أم نسمي إخفاء بعض التعابير وإبراز بعضها «توجيه» غير مباشر للرأي العام؟ أم نسميه تضليلاً متعمداً؟
عقد السفير الألماني في البحرين مؤتمراً صحافياً بعد مرور 10 أشهر على تعيينه، فنقلت جريدة «الأيام» هذا المؤتمر بصياغتها وبعنوانها التالي: «السفير الألماني: البحرين تتعرض لانتقادات حقوقية غير منصفة»، وفي الجانب المتعلق بحقوق الإنسان قال سعادة السفير بروتس إن «البحرين تحفظ لجميع الأديان والطوائف حرية العبادة حيث يستطيع أتباع جميع الديانات والطوائف ممارسة شعائرهم الدينية دون عوائق أو تحفظات وهو الأمر - بحسب السفير بروتس - غير المتاح في دول أخرى».
واعتبر السفير أن «البحرين دولة مستقرة في منطقة تعاني من اضطرابات وصرعات عنيفة تلقي بظلالها على المنطقة بأكملها لا سيما الحرب في اليمن والأوضاع في سوريا والعراق».
أما جريدة «الوسط» فاختارت هذا العنوان «نأمل باستمرار خطوات المصالحة في البحرين وتجسير الفجوة بين الحكومة والمعارضة»، وفي النص وفي الجزء المتعلق بحقوق الإنسان كتبت «هناك عدة منظمات غير حكومية وحقوقية في أوروبا وفي ألمانيا تتابع عن كثب الأوضاع الحقوقية في البحرين، وتوجه إلينا أسئلة كحكومة ألمانيا في هذا الشأن، وأحياناً يكون الانطباع أن البحرين تتعرض لانتقادات غير منصفة، لأن الأوضاع الحقوقية في البحرين أفضل من دول المنطقة الأخرى». وأضاف «قد لا تكون الأوضاع مثالية هنا، والحكومة البحرينية تبدي انزعاجها في بعض الأحيان مما يدور في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أو بعض مشروعات القرار التي يقرها البرلمان الأوروبي بشأن الأوضاع الحقوقية في البحرين، وأعتقد أن السبب في ذلك أن الجميع يرى أن البحرين قادرة على تقديم الأفضل». وتابع أن «البحرين قبل أحداث العام 2011 كانت تقوم بعمل جيد للغاية، لكن بعد هذه الأحداث كان هناك بعض الإحباط، وأنا هنا لا أسعى للتدخل في الشأن البحريني والوقوف إلى جانب طرف دون الآخر، لكن ما يجب قوله هنا، هو أنه من المؤسف أن الحوار الوطني الذي بدأ، توقفت النقاشات فيه، وأعتقد أنه من الجيد أن تتم محاولة تجسير الفجوة بين الطرفين والاستمرار في خطوات المصالحة».
إلى أي مدى يعد استبعاد هذه النقطة أو تلك أو اختيار هذا المحور أو ذاك في «العنوان» أداة توجيه رأي عام؟ وما هي تبعات هذا التوجيه؟ أترك الإجابة لكم.
* ملاحظة:
للإنصاف أنصح بقراءة التغطيتين كدراسة حالة.