رمضان وغلاء المعيشة في سباق، والتقشف باب موارب، والتلاعب في الأسعار نافذة تطل علينا بين حين وحين، والمتورط في ذلك كله المواطن، شهر رمضان شهر الخيرات، شهر الصوم والعبادة وفعل الخيرات، شهر تتبدل فيه الأحوال والعلاقات والميزانية والمصروفات 180 درجة، ففي كل بلد وليست البحرين فقط أو دول الخليج تزداد مصاريف الأسرة في شهر رمضان، والعيد من بعده، يعتقد البعض أن شهر رمضان هو شهر الخير بمعناه السطحي لملأ المعدة، لذا تتفنن معظم الأسر البحرينية والعربية بكل ما لذ وطاب وتتزاحم الموائد بأصناف عديدة من كل شيء، بدءاً بالمقليات والحلويات وتنتهي بالمشروبات مثل الشربت (....) الذي أصبح علامة تجارية لرمضان فقط.
يقال لا تدع صائماً أو جائعاً يتجول أو يتسوق لشراء الأطعمة، فالجوع كافر والشهية تستدرج الصائم إلى سلوك استهلاكي شرس عند شرائه للمأكولات والمشروبات، يحسب فيه الصائم أن معدته تستوعب أطنان من الأطعمة، وهو في كل مرة يتناسى أنه متى ما أكل لقمتين شبع، والصائم يدرك تماماً أنه لن يأكل إلا القليل ولكن ثقافة الأكل والاستهلاك تحوزان على عقله ووعيه وسلوكه في الشراء، خصوصاً عندما تتراقص أمام عينيه العروض المغرية التي تستحوذ على حواسه وتأمره أن يشتري وينفق ليمتع عينيه أكثر من أن يستمتع بتذوق الأطعمة.
مع ثقافة الاستهلاك والشراء وثقافة الأكل، تقف عندها ثقافة الصائم لتغير كل هذه الثقافات، ويبقى ارتفاع أسعار السلع الغذائية والتلاعب في هذه الأسعار هاجس المواطن الصائم التي تثقل عليه حتى في عيد الفطر، وتبقى مسؤولية بعض الجهات، منها إدارة حماية المستهلك، حيث تلعب دوراً هاماً في الحد من هذه الظاهرة التي تقسم ظهر المشتري بصورة عامة، دور إدارة حماية المستهلك بات واضحاً للجميع، ولكن مجتمعنا وبخاصة في رمضان يحتاج إلى جهود مكثفه ودور توعوي قوي للحد من التلاعب في الأسعار عند بعض التجار بالإضافة إلى ردع هؤلاء التجار الذين يتلاعبون في الأسعار خصوصاً أصحاب الدكاكين الصغيرة، الذين يلعبون على وتيرة قربهم من المناطق السكنية والأحياء واستسلام الأسر لسعر المنتج نظراً لضرورة الشراء، فاستغلال بعض التجار لحاجة المشتري في رمضان مرفوض، ولكن للأسف هذا الاستغلال البشع من بعض التجار موجود ويكثر في مواسم معينة مثل شهر رمضان والأعياد ومع بداية السنة الدراسية.
ارتفاع الأسعار وتدني الرواتب فك مفترس يفترس الحياة الكريمة للمواطن، وهذا ينعكس بالتأكيد على إنتاجية المواطن نظراً لهمومه المتراكمة لإيجاد حل لهذه المحنة التي باتت تقرع بابه، فالمسؤولية الأسرية والمتطلبات الضرورية وتوفير الاحتياجات الأساسية طوق من الشوك وحمل ثقيل على ظهره مكبل بقيود منها الديون، فمن منا لا يعيش بلا ديون؟ من منا يكتفي بعمل واحد؟ فالراتب لم يعد يغطي حاجات الأسرة والحياة لم تعد كما كانت فالمغريات كثيرة والحاجة لسد الأساسيات أكثر من كونها كماليات يمكن الاستغناء عنها. متى تكتمل منظومة الحياة الكريمة لدى المواطن بمعناها الحقيقي؟ وما هي أصلاً الحياة الكريمة للبحريني؟ لله الحمد المجتمع البحريني يعيش بأمان وهذا جزء من الحياة الكريمة قد تحقق، ويتمتع بحريات كثيرة وهذا جزء آخر من الحياة الكريمة تحقق أيضاً، ولكن في ظل التقشف المر كيف تكتمل عند المواطن منظومة الحياة الكريمة؟ وما هي مساعي الحكومة لأن يعيش كل فرد على أرض الوطن الحياة الكريمة؟ فالحياة الكريمة هي مسكن يتسع لك، وتعليم إلى مرحلة الدراسات العليا، وتوفير العلاج لكل مريض، البحريني يقف في طابور طويل في انتظار الحياة الكريمة، فكلما تنفس قليلاً طرق عليه باب التقشف، فمتى يأتي دورنا في الحياة الكريمة، «رمضان كريم.. الله أكرم».