حين أعلنت البحرين حالة السلامة الوطنية في مارس 2011، دعا خليفة بن سلمان الصحافة، واجتمع بهم على طاولة للاجتماعات صغيرة، في دار الحكومة في المنامة، لم تنتقل الحكومة لقصر القضيبية حينها، ضمت الطاولة رؤساء التحرير وكتاب الرأي فقط وأغلق الباب، تحدث معهم حديث الأب لأبنائه الجزعين على مكروه أصاب أمهم، أكد على المستقبل وعلى الغد وعلى القدرة والثقة بتجاوز المحن أكثر من حديثه عما حصل، فعزز الثقة بالمستقبل في نفوس من كان معه، قال إنه يستمد ثقته من بعد الله من قوة هذا الشعب ومن تاريخه ومن عراقته ومن مكانة البحرين وأهميتها لدى دول الخليج ولدى الأمة العربية، ويستمدها من تجارب مرت بها البحرين سابقاً عاصرها وعايشها خرجت منها البحرين أقوى مما مضى، وما تركهم إلا بعد أن اطمأنوا أن البحرين بخير، حديثه كان من القلب للقلب، إنما لصغر المكان دلالة حميمية انعكست على تبادل الثقة بين الاثنين، واجتماعه مع الصحافة على طاولة لا في مجلس له دلالة على جدية اللقاء ورسميته، فهذه جلسة عمل، وصغر المكان للتركيز وعدم التشتت فهنا قائد يحدث جنوده.
لا يعتقد أحد أن تلك الاختيارات «المكان والزمان والمدعوون» تأتي عبثاً فنحن نتحدث عن خبرة طويلة وحنكة في التعاطي والتعامل مع الآخر، فخليفة بن سلمان يعرف كيف «يلم» الشتات أن تبعثر.
لعبت الصحافة دوراً كبيراً في إنقاذ البحرين من لعبة أممية تضافرت عليها قوى عظمى لا قبل لدولة صغيرة كالبحرين بمقاومتها منذ فبراير 2011 وحتى اللحظة، ولولا ثبات هذا الشعب والتفاته حول دستوره ونظامه السياسي وتشبثه به ودفاعه عنه، لما اقتنع العالم أن تلك الحفنة لا تمثل البحرين، بل هناك رأي آخر يجب الإصغاء له أبرزته الصحافة التي قامت بدورها الوطني بجدارة، في وقت ادعى البعض أنه يتحدث باسم الشعب البحريني وأنه «باق حتى يسقط النظام»، فكانت الصحافة كتيبة الدفاع الأولى المتقدمة للصفوف تخاطب الداخل والخارج، وكان خليفة بن سلمان ملاصقاً لهذه الكتيبة كتفاً بكتف، فلا يخلو مجلس له من رئيس للتحرير أو كاتب للرأي طوال تلك السنوات وحتى اليوم، ولا يمكن أن ترى الكاتب أو رئيس التحرير إلا في صدر المجلس، ولا يمكن أن ينعقد مجلسه إلا كان الحديث العلني مع الصحافة أرضية تمهد وتفرش البساط للحوار والنقاش في المجلس مع الجميع، وعلى مرأى ومسمع الجميع، تلك حنكة يعرف أصحاب المجالس العربية الخليجية معناها ومغزاها، فالصحافة الوطنية «مقلطة» عند خليفة بن سلمان ولها الصدارة في مجلسه.
فلا عجب أن يكون «أبو علي» راعياً لهذه الجائزة التي فتحت ذراعها لجميع الصحف أن تتقدم لنيلها، في دلالة على أن جميع الصحف بلا استثناء كما هي جميع الاتجاهات السياسية أيضاً بلا استثناء تحتضنها البحرين على قدم المساواة، كدولة تعرف معنى التعددية والتعايش السلمي، وتعرف معنى التسامح والعفو، قلب مفتوح للجميع وحرية للتعبير متاحة للجميع ومقدرة ومثمنة بل ولها مكانتها الدستورية المحفوظة بالقانون.
فشكراً لمن احتضن الصحافة والإعلام في قلبه قبل أن يحتضنها في مجلسه، وشكراً لمن خصص لها جائزة ويوماً هو غدا الثلاثاء، شكراً خليفة بن سلمان.