منذ انطلاق ما يسمى بـ «معارك تحرير الفلوجة»، ولغاية الساعة، لا تكاد تخلو صحيفة عربية وعالمية وقنوات فضائية ومنتديات ومجالس ووسائل التواصل الاجتماعي من تغطية الأحداث، وما يجري على أرض الواقع في مدينة المآذن الفلوجة.
ومن يحرك الإعلام ويسلط الضوء على عمليات الفلوجة هي الآلة الإعلامية الضخمة والتي تشرف عليها طهران وفرعها الرئيس في بغداد، عبر عشرات الفضائيات ومئات المواقع الإلكترونية. وما يردنا من فيديوهات ومقاطع صوتية وصور هي ليست بالتأكيد من الطرف الآخر، أو من طرف محايد بل هي تعد بعناية فائقة وتسلم للمتخصصين، لبثها عبر مواقعهم لتلتقطها صحفنا وقنواتنا وحتى هواتفنا، وتبني عليها التحليلات والتوقعات.
وهي تهدف بذلك لنقاط عدة، أهمها السيطرة على الإعلام العربي وتغذيته بما هي تريده وبث الرعب وتصوير المقاتل الشيعي على أنه أسد منفلت من عرينه.
ولكوننا نفتقر لجهة محايدة رصينة لما يحدث من معارك وحشد وتحركات في الجبهات الخلفية كذلك في العمق في أرض الفلوجة وما يعانيه المحاصرون خصوصاً لمن تبقى من أهلها الذين ضرب عليهم طوق وحصار خانق منذ عامين، فمن الصعب نقل الصورة بمهنية، لكننا سنكتفي بالتصريحات الموثقة، وبعض الفيديوهات المسربة، عما يجري هنالك لنستكشف الهدف الحقيقي من تلك المعركة.
فلنأخذ شريحة من التصريحات والتي لو كان قادة الميليشيات «الحشد الشيعي» على درجة من الخبرة العسكرية المهنية لتجنبوا الظهور في هذا الوقت ولضبطوا النفس والإيقاع ولكانت سهلت عليهم مهمتهم ولحفظت لهم سمعتهم المنحطة أساساً.
فلقد صرح الإرهابي المدعو أوس الخفاجي قائد كتائب ما يسمى بـ «أبي الفضل العباس» وهو يحث ويلهب مشاعر جنوده قبل احتدام المعارك ومن على مشارف الفلوجة بعبارات تقطر حقداً وطائفية وقال بالحرف الواحد: «إذا كنتم منزعجين من «الحشد الشعبي» فزيدوا من انزعاجكم لأن «بسطاله» أي «الحذاء العسكري» يشرفكم والذي يجب أن تضعوه في متاحفكم في (........) والذي سيدخل الخليج بأمر المرجعية والذي سيقضي على (........)».
ودون موارة أو تقية فقد غادرها شيعة العراق «وربما اليوم يستخدمها سنتهم المغلوبون على أمرهم»، للمحافظة على حياتهم، فالخطاب موجه إلى الشعوب العربية ودول الخليج بالذات ولا يزال الفيديو مسجلاً في الـ «يوتيوب» ومن الممكن الرجوع إليه قبل الحذف!!
أما المشهد الثاني، فهو ما قامت به تلك الميليشيات المستعرة المنفلتة بعد سيطرتها على أجزاء من ناحية الكرمة، حيث تم تسريب مقاطع فيديو لرجال وثقوا بحبال ثم تم ربطهم بمؤخرة السيارات العسكرية، وتم سحلهم وهم أحياء في شوارع المدينة، مع عبارات طائفية مقيتة، إضافة إلى أعمال الحرق والسلب والنهب وقتل الأبرياء والتمثيل بالجثث.
هنا يتبادر لما يحدث هنالك سؤال للحشد، ولغرفة العمليات وللجيش العراقي، إن كان هنالك جيش وقادة مهنيون، أنتم تدعون أنكم تمثلون دولة القانون، وتحكمون للأسف دولة عريقة اسمها العراق، وتساندكم المرجعيات بفتاويها، وأمريكا بإسنادها الجوي، ولنفرض جدلاً أن الذي ألقيتم القبض عليه «داعشي» وإرهابي، وأجزم أن لا دليل عندكم سوى مظهره الخارجي وطول لحيته، والتي أجبرت جماعة «داعش» جميع الرجال في المناطق التي تسيطر عليها بإعفاء اللحى ونمط اللبس. لماذا هذا التعجل في إنزال العقوبة والقتل وبهذه الطريقة اللاإنسانية وما هذا الحقد الأعمى والإجرام؟
أما كان الأجدر بكم ضبط النفس والإيعاز بإلقاء القبض على من يشك في كونه إرهابياً ثم التحقيق معه ثم الوصول للشبكات الإرهابية ومموليها وتفكيكها، ثم يقدم للعدالة لينال بعدها جزاءه العادل. ثم من أحل لكم ممتلكات الناس وأموالهم لتنهبوها والبيوت لتحرقوها؟ أم أنها في نظركم كما فعلت «داعش» مع المسيحيين والآيزيدين غنائم ونساؤهم سبايا لـ «كفار ومشركين»؟ والأهم من ذلك ألم يتفكر أولئك القتلة الأوباش وقياداتهم أن معركتهم مع «داعش» طويلة إن صح ما يدعون؟!
وأمامهم عقدة مدينة الموصل عاصمة «خلافة تنظيم الدولة» التي يقطنها ما يربو عن ثلاثة ملايين نسمة.
أما فكرتم يا قتلة عندما سيشاهد أهاليها إرهابكم، هل ستظنون أنهم سيتعاونون معكم لتحرير مدينتهم؟ أم أنهم بعد مشاهد إجرامكم ستزداد صلابتهم وقناعتهم بحقدكم وطائفيتكم؟ وقد أثبتم أنكم ألعن ألف مرة من «داعش»، ومن كل المجاميع والميليشيات المسلحة على الأرض، وسيدخلون بعدها أفواجاً وجماعات معها، وسيزيد التصاقهم وتمسكهم بها لأنها ربما في نظرهم بعد تلك المشاهد المروعة أرحم منكم بكثير ليصدوكم ويردوكم على أعقابكم، ولن تطؤوها إلا على جثثهم وسيكلفكم ويكلفهم ذلك الكثير.
بعد تلك الأدلة التي سقناها لكم أخواتي وإخوتي، وهنالك الكثير بات واضحاً أن ما تخطط له إيران هو جر المنطقة لحرب طائفية طاحنة وقودها العرب سنة وشيعة بحجة محاربة الإرهاب، وشماعة «داعش»، فهي تنأى بجيشها النظامي وحرسها في هذه المرحلة الالتحام وتقاتل عبر وكلائها من بعض شيعة العرب، وهي تخطط سراً بالاقتراب من الحدود الدولية المتاخمة للسعودية ورأس الحربة ومحط الانطلاق الفلوجة، وهي تشارك في التخطيط والإشراف، وإن تطلب الأمر وتحسباً من تمرد بعض القيادات الشيعية العراقية يتواجد رجلها الإرهابي قاسم سليماني، وطقم جنرالاته لإدارة المعارك المصيرية مباشرة.
فالحذر الحذر فإن رفعت رايات الفارسيين على مآذن الفلوجة لا قدر الله!! فالقادم لا محالة شرر مستطير وربما نصحوا وقد زحف ليلاً صاحب «البسطال» والكثير من هذه النماذج الإجرامية الوقحة المليئة حقداً كدبيب النمل الأسود في الليلة الظلماء.
اللهم هل بلغت.. اللهم فاشهد.