زار رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس فلسطين والتقى قيادات فلسطينية، وقد أعلن فالس من رام الله أن «فرنسا لن تقوم بأي شيء من وراء ظهر الإسرائيليين وأن في الفترة الماضية قام مسؤولون من وزاراة الخارجية الإسرائيلية بـ 11 زيارة لوزارة الخارجية الفرنسية». قال فالس هذه التصريحات في الوقت الذي تطرح فيه فرنسا «مبادرة» لحل القضية الفلسطينية بناء على حل الدولتين. هنا يظهر جوهر هذه المبادرة الخالي من أية نية لإجبار إسرائيل على تقديم أية تنازلات، ويثبت أن الأمر لا يتعدى كونه مجالاً للدعاية. فتلك المبادرة ليست سوى محاولة لإثبات حسن نية المجتمع الأوروبي، الذي يشعر بالأذى بشكل أو بآخر من مشاكل المنطقة. فتفعيل المبادرة المزعومة يتطلب «كرم أخلاق» من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته. وهو أصلاً رفضها وطلب مفاوضات مباشرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أيضاً، لأن ليس لإسرائيل أية نية في تقديم أية تنازلات، ولكن من مصلحة نتنياهو أمام المجتمع الدولي أن يدعي أنه لديه نية في السلام وفي تطبيق حل الدولتين! هو طلب مفاوضات مع عباس لأنه يعرف أن الأخير لا حول له ولا قوة أمام جبروت نتنياهو وحكومته المتطرفة. أما بالنسبة لأمريكا فاللوبي الإسرائيلي يسيطر على صنع القرار فيما يختص بسياسة أمريكا تجاه المنطقة، ولا سيما مسألة فلسطين والمستوطنات، فما من رئيس أو إدارة أتت، وبنية حسنة وبعزم، على إيجاد حل عادل ومستدام لمسالة فلسطين إلا وقطعت عليها الطريق القوى الداخلية، ولا سيما الكونغرس الذي تطبق عليه «أيباك» - الصهيونية التي تعد أبرز جماعات الضغط واللوبيات في أمريكا - بقبضة من حديد. وأكبر مثال على ذلك إذلال نتنياهو للرئيس الأمريكي باراك أوباما أمام الكونغرس الذي قوبل بتصفيق أعضائه. وحتى جورج بوش الأب وصف نفسه حين أحيا مسألة تجميد المستوطنات بأنه «رجل عجوز ووحيد» في مواجهة آلاف الضاغطين. لذلك لا يمكننا أن نتوسم أي خير من أمريكا خاصة اليوم بعد أن ابتعدت عن المنطقة. فاليوم إمكانية أن تتدخل إدارة أمريكية وأن تغضب «أيباك» من أجل إيجاد تسوية لقضية فلسطين أمر شبه معدوم. وحتى المجتمع الدولي، فعلى مدى ستين عاماً عجز عن تقديم أي حل عادل، أو على إجبار إسرائيل بالتقيد بقرارات مجلس الأمن. واليوم ترى الداخل الإسرائيلي أكثر تطرفاً من أي وقت مضى، ففي الشهر الماضي قام جندي إسرائيلي بقتل فلسطيني وهو جاثم. وقد طرح استطلاع عام سئل فيه الإسرائيليون إن كان الجندي يستحق المحاكمة. أجاب 80 % من المشاركين بأن الجندي لا يجب أن يحاكم، بل يجب أن يعامل كبطل يخلص إسرائيل من إرهابي!واليوم يبرهن طيف المبادرة التي أعلنتها فرنسا للعرب عن أمر واحد، هو أننا لايمكننا أن نعتمد على دول أجنبية لحل مشاكلنا. لذلك ففي ظل الداخل المتشدد في إسرائيل والمجتمع الدولي المتخاذل والعجز العربي، لا أفق للحل في قضية فلسطين.