لا قياس للإنسان أفضل من عمله، وعليه نتوجه بالشكر لكل ما تقوم به مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين من جهود في سبيل تحسين مراكز التوقيف ومراكز رعاية الأحداث والمحتجزين، وغيرها من الأماكن التي من الممكن أن يتم فيها احتجاز الأشخاص كالمستشفيات والمصحات النفسية، بهدف التحقق من أوضاع احتجاز النزلاء والمعاملة التي يتلقونها لضمان عدم تعرضهم للمعاملة اللاإنسانية أو الحاطة للكرامة.
مهنية وشفافية
عند الحديث عن رقابة ظروف حقوق الإنسان بشكل عام، يجب أن يسود هذا العمل المهنية والشفافية كي يحقق أهدافه التي أسماها هو تسليط الضوء على مكامن الخلل والقصور والعمل على إصلاحها، لأن نتائجها ستعود ليس على المؤسسة المعنية فقط بل على البحرين ومنظومتها الرقابية.
المهنية: إن المعايير التي تضمنتها تقارير المفوضية لرصد وتوثيق الحالات والتحقق منها سواء بالنسبة لحالة المكان أو الضمانات القانونية أو المعاملة الإنسانية والرعاية الصحية التي يتلقاها النزلاء والمحتجزون في تلك المقار، جاءت للتحقق من ضمانات حقوق الإنسان، وعدم تعرض السجناء والمحتجزين للمعاملة اللاإنسانية أو الحاطة للكرامة، وذلك بما يحقق الاستقلالية والحيادية فيما تقوم به من مهام. كما أن هذه المعايير تحقق ما أشارت إليه المبادئ الأساسية لمعاملة السجناء التي تم اعتمادها بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 45/111 بتاريخ الأول من ديسمبر 1990، ما يؤكد على المهنية العالية التي تحرص عليها المفوضية.
الشفافية: لقد أصدرت المفوضية تقاريرها بشفافية عالية، مشفوعة بالأرقام والقضايا التي تنظر بها ابتداء بالسعة الاستيعابية للمراكز مقارنة بعدد النزلاء، وصولاً إلى قياس وضعهم الإنساني وتصنيفهم حسب القضايا المحكومين بها.
التفنيد
والرد على الأكاذيب
يعتبر ما تضمنه تقرير مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين رداً على الأصوات النشاز التي امتهنت الكذب والنيل من منجزات البحرين والمتاجرة باسم قضايا حقوق الإنسان والسجناء، بعقد المؤتمرات المشبوهة في لبنان والعراق وبعض الدول الأوروبية والزج بأرقام بعيدة عن الحقيقة والواقع هذا إلى جانب تشكيكها المستمر في مهنية المؤسسات الرقابية المعنية بحقوق الإنسان في البحرين. إن قبول وزارة الداخلية جميع توصيات المفوضية الـ 9 بالتقرير الأخير والرد عليها يؤكد على المهنية والالتزام الكامل من قبل الوزارة في سبيل العمل والبناء على كل ما تم إنجازه بحقوق السجناء والمحتجزين آملين أن تقوم وزارة التربية والصحة بالإسراع بتنفيذ ما هو مطلوب منها ببعض التوصيات التي تتشارك بها مع وزارة الداخلية.
الخلاصة
إن عمل مفوضية حقوق السجناء والمحتجزين يدعو للفخر والاعتزاز، لماذا نقول ذلك لأنه على الرغم من محدودية ميزانيتها وعدد كادرها فإنها استطاعت أن تقوم بعمل يفوق مؤسسات ولجان تفوقها من حيث عدد الكوادر الوظيفية والهيكلة والميزانية، ونعزو ذلك لمهنية العمل ووضع خططها التي تحقق أهدافها بصمت بعيداً عن التصريحات الصحفية؛ لذلك نقول يجب الاستفادة من استراتيجية عملها. نجحت المفوضية في تجسير العمل بينها وبين وزارة الداخلية ومراكز الاحتجاز، ونجحت كذلك في بناء الثقة بينها وبين المحتجزين. هذا ما تثبته الأرقام عبر العشرة تقارير التي أصدرتها. في حين تقوم بعض الجمعيات السياسية بالترويج لأرقام مغلوطة هذا إلى جانب الاستهداف الممنهج لجهودها.
المتتبع لتقارير المفوضية سيلحظ عدد القضايا المرسلة من قبل جمعيات حقوق الإنسان لا تتعدى أصابع اليد، مما يشير إلى تواضع عمل الجمعيات في التعاطي مع هذا النوع من القضايا، والمؤسسات التي تفوقها ميزانية وكادر لا تتعدى نجاحاتها صفحات الجرائد. لذلك نقول لا علاقة للنجاح بما تكسبه لنفسك أو تنجزه في الحياة، بل النجاح هو ما تفعله للآخرين.