بشهادة من صحيفة وحزب من يطلقون على أنفسهم وصف «المعارضة» وهم ليسوا بكذلك، بشهادتهم أن البحرين نالت إعجاب العالم حين سمحت للعمل السياسي العلني عام 2001، نعم نالت إعجاب العالم رغم أن هذه المجموعة كانت تكذب على العالم طوال الـ15 سنة، وتقول لهم بأن «المشروع الإصلاحي مسرحية وكذبة»، وهي التي تتمرغ بحقوقها ومكتسباتها.
ومنذ ذلك الحين ولأكثر من خمسة عشر عاماً وهذه المجموعة التي تدعي أنها «معارضة» تمارس حق التعبير ولها كامل الحق في ممارسة العمل السياسي الاحترافي وبكامل حريتها، لها صحيفتها ولها حزبها ولها ممثلوها في الحكومة وممثلوها في السلطة التشريعية، بل وكانوا على رأسها، فالنائب الأول لرئيس الغرفة المنتخبة كان منها، ولها مقرها ولها موازنتها المخصصة من الأموال العامة، خمسة عشر عاماً أقامت التجمعات والمسيرات وأقامت المؤتمرات وعقدت الاجتماعات وسافرت وخرجت وعادت واجتمعت بالسفراء وبالمنظمات الدولية وفتح لها التلفزيون الرسمي أبوابه فكانت هذه المجموعة ضيفاً على برامجها المباشرة دون رقابة ودون مقص للرقيب.
راقبوا الميزانية وحاسبوا الحكومة وشكلوا لجان تحقيق لها فتمتعوا بكل الأدوات الرقابية النيابية وشكلوا الاتحادات النقابية وفازوا بها، فهل هناك حق لم يتمتعوا به؟
خمسة عشر عاماً من المفروض أن جيلاً جديداً ولد فيها، خمسة عشر عاماً من المفروض أن جيلاً يافعاً كبر خلالها يفترض أنهم أبناء المشروع الإصلاحي المتاح لهم كل الحريات والحقوق السياسية بقيادة المدعو علي سلمان يعلمهم ويربيهم على معنى الوطن و«يفطنهم» بقيمة المكتسبات التي يتمتعون بها، وقد حرم منها آباؤهم، كان من المفروض أن يقدر قادة الرأي العام ويثمنوا قيمة المكتسبات حتى وإن كانت حقوقاً، فالحق حين تمتع به يكون مكتسباً للمواطن قبل أن يكون للدولة، فماذا فعل الجيل الذي خلق وكبر في هذه الخمسة عشر عاماً على يد هذه القيادات؟ حرق البلد وباعها لإيران.
آخر المطاف يقف هذا الذي تتأسى صحيفته على تغليظ العقوبة عليه وتعتبرها «تراجعاً» في الحريات على منصة ليقول إنه باق حتى يسقط «النظام» أكرر، «النظام» وليس الحكومة، من يعلن أنه باق على المنصة إلى أن تسقط الدولة ويعلنها والإرهاب قائم في دولته يحرق ويقتل ويفجر ويصنع المتفجرات والقنابل والـ«تي إن تي» والـ«سي فور»، ويموت رجال الأمن ويصاب منهم بالآلاف، لا يسمى «معارضاً» لا عندنا ولا عند أي دولة يسمح فيها بالعمل السياسي، بل يسمى «إرهابياً» ورفاقه لا يسمون «معارضة»، يسمون قادة «لتنظيمات إرهابية»، والأعمال التي دعوا لها وحرضوا عليها لا تسمى أعمالاً سياسية علنية، بل تسمى «أعمالاً إرهابية»، ومن يقلب هذه المسميات هو ضالع معها في إرهابها.
التهم التي أدين بها لم تكن عملاً سياسياً مشروعاً ينتقد به الحكومة فذلك عمل سياسي مطلوب، وهو من صميم الحق الدستوري المشروع، إنما هذا الشخص أدين لأنه دعا لتغيير النظام بالقوة والتهديد، وحرض علانية على بغض طائفة من الناس «مكتسبي الجنسية» والازدراء بهم، وحرض علانية على عدم الانقياد للقوانين، وحسن وجمل أموراً تشكل جرائم، ووصف منتسبي هيئة نظامية «وزارة الداخلية» علناً بالمرتزقة، فما علاقة هذه الأعمال «بالمعارضة»؟!!
والقول بأن «إن الجماعات المعارضة التي تعمل بصورة علانية، في أي بلد يسمح لها بذلك» وفقاً لصحيفة «الوفاق» قول لا يمت للحقيقة بصلة، وقول مضلل ومحسن ومجمل وممجد للجرائم الإرهابية، فلا يمكن لأي بلد يسمح بأن يقف أي زعيم للمعارضة ليقول إنه باق حتى «يسقط» النظام ويصف رجال الأمن بالمرتزقة.
والصحيح أن ما حدث للبحرين منذ عملت هذه المجموعة بالعمل السياسي العلني هو دمار لا يمت للديمقراطية بصلة ولا يمت للمدنية بصلة ولا يمت للتعددية بصلة ولا يمت للعمل الحزبي بصلة، قد كان مسخاً هذا الذي نتج عن نشاط هذه المجموعة، حزب تشكل على أسس طائفية ضيقة إلى أبعد الحدود ومرجعيته دينية وقسم المجتمع لمعسكرات مذهبية، عنصري حتى النخاع ازدرى مكتسبي الجنسية، قال أعضاؤه لشركائهم «نحن الشعب الأصيل وأنتم من سترحلون».. فعن أي «معارضة» تتحدثون؟
خمسة عشر عاماً عاثت هذه المجموعة في نسيج البحرين الاجتماعي فساداً، ووأدت تجربتها الديمقراطية في البحرين منذ لحظة تشكيلهم لجنينهم الحزبي فلم تبق ولم تذر، وألقت بسمها الزعاف عام 2011 فجلبت لنا الدمار، فتأتي هذه الصحيفة وتصف تسع سنوات لكل هذه الجرائم بـ«تغليظ» للعقوبة؟!!
الحمد لله أن لدينا قضاء مستقلاً أخذته الرأفة بالمتهم فقصر الحكم على تسع سنوات فقط، ولو كانت الأحكام تصدر قياساً بما لحق بالبحرين والبحرينيين بسببه أو كانت الأحكام تصدر بالاستفتاء الشعبي لكان للقصة نهاية أخرى!!