أقولها وكلي قناعة، بأن أمين عام «الوفاق» علي سلمان «محظوظ»، بل من أكثر المعارضين حول العالم «حظاً»!
فقط أتخيل لو أن علي سلمان مواطن أمريكي، ووقف يخطب في تجمع مرخص أو غير مرخص، وقال بصريح العبارة «إن هناك جهات خارجية عرضت عليه الإمداد بالسلاح لتصعيد حالة الصمود على الأرض»، أي أنه يلوح لاستخدام السلاح، ويقول إنه «تكرم على الدولة» بأنه حتى الآن لم يستخدمه!
فقط أتخيل لو قال هذا الكلام في الولايات المتحدة الأمريكية، هل سيعتبره القانون الأمريكي «تعبيراً سلمياً عن الرأي»؟!
هو لم يستخدم السلاح، بل لوح لإمكانية ذلك، وهذا الكلام بحد ذاته في العرف الأمريكي يعني بأن صاحبه «إرهابي»، ومصير الإرهابيين في أمريكا التي من شعاراتها «محاربة الإرهاب» معروف تماماً، إما مواجهة التعذيب وفنونه في معتقل «غوانتنامو» الشهير، أو مواجهة محاكمات لا تنتهي إلا بأحكام مغلظة قاسية أخفها السجن مدى الحياة.
لو أن علي سلمان مواطن أمريكي وحشد الناس وحرضهم ودفعهم للتظاهر في منطقة حيوية، لنقل «السكوير» المشهور في نيويورك، ونصب لهم منصة على رأسها شعار «باقون حتى إسقاط النظام الأمريكي»، وعطل حركة السير، وأقلق حياة الناس، هل سيقول النظام الأمريكي إن «هذه حرية تعبير»، أم أنه لن يسمح لهم البقاء ولا نصف يوم، وستتدخل الشرطة بعنف لتزيح الرجال والنساء وستضربهم دون تردد، ولنا في ما حصل في مظاهرات واحتجاجات «وول ستريت» قبل سنوات قريبة أبلغ مثال.
أمريكا تقول في جملة شهيرة يرددها رؤساؤها بأن «الولايات المتحدة أبداً لا تتفاوض مع إرهابيين»، وهنا تعني الإرهابيين على المستوى الدولي، فما بالكم بشخص يمارس الإرهاب سواء اللفظي أو الفعلي على أرضها؟! والله لن يرحموه بمقدار ذرة.
وعليه نقول هنا رداً على التصريحات الرسمية لبعض الشخصيات الأمريكية بشأن الحكم الصادر بحق أمين عام «الوفاق» علي سلمان، بأن ما صدر عنكم ما هي إلا «هرطقة» لا تجرؤون أنتم أنفسكم على تطبيقها في بلادكم.
المسؤولون الأمريكيون يريدون من البحرين أن تطلق سراح محرض على الإرهاب، وشخص يهدد النظام بالسلاح، وشخص لا يقدر على نفي ارتباطه بالنظام الإيراني ولا «حزب الله» الذي جلس في اجتماعات مع رئيسه حسن نصرالله.
يريدون من البحرين أن تعطل قوانينها، في وقت يستميت الكونغرس للسماح للناس بأن يرفعوا دعاوى على السعودية وعلى الدول العربية التي ثبت بأن مواطنين يحملون جنسيتها كانوا من المشاركين في اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر.
يريدون من البحرين أن تطلق سراح محرض على مواجهة وقتل رجال الأمن الذين تصفهم حساباته في «تويتر» وحسابات جمعيتهم بـ«المرتزقة»، في حين يريدون أن يقاضوا دولاً وأنظمة فقط لأن أناساً يحملون جنسيتها انخرطوا في تنظيم «القاعدة» ونفذوا هجمات على الأراضي الأمريكية!
وعليه، وبنفس الطريقة، يمكن للأمريكان إن أرادوا في مرحلة متقدمة أن يحصلوا جنسيات المنتمين لـ«تنظيم داعش»، وأن يطالبوا دولهم بعدها بتعويضات! والله نقولها تندراً، لكن مع السياسة «السوداء» للأبيض «غير الأبيض» يتوقع كل شيء.
لذلك أقول إن علي سلمان محظوظ لأنه بحريني ويحاكم في البحرين، ولأنه يعيش في بلد متسامح واسع البال.
شخص وقف يتحدى النظام والدولة، شخص قام بتحريض الجموع ليشق الصف الوطني، ولعب على وتر الطائفية، وأشعل نيران التفرقة باسم السنة والشيعة، ووصل لمستوى التلويح باستخدام السلاح، ورغم ذلك لم يتعرض لأية إساءة، موقوف في سجن لا يمكن وصفه بالسجن لو قارناه بالسجون الأمريكية أو الإيرانية، خدمات صحية، ويتم توفير كل شيء له.
والله لو أن هذا «المحظوظ» معارض في إيران، لما سمعنا خبره منذ أول كلمة تحد وتحريض للنظام ينطقها، ولو كان في أمريكا لوجدناه منكلاً به في «غوانتنامو»، حظه أنه في البحرين.
من يعبر عن قلقه من أنظمة غربية عن حال محرض على الإرهاب، داع لاستخدام السلاح، الرد عليه بسيط جداً، نتمنى أن يحصل لديكم مثلما حصل لدينا، نتمنى أن يخرج في أوساطكم من يهدد أمنكم ويدعو للإطاحة بالقانون و«سحق» رجال الشرطة وقتلهم، حينها أرونا كيف ستطلقون سراحه وستقولون «حرية تعبير».