كان المترشح البلدي قبل أن يترشح للمجالس البلدية، يضع في يد المواطنين قمراً وفي يدهم الأخرى شمساً، وحين وصل إلى المجلس البلدي لم يشاهد الناس النور، فالعضو البلدي الذي وعدهم أن تكون مناطقهم جنة الله في الأرض بات لا يرد على مكالمات المواطنين ولا على تظلماتهم المشروعة ولا حتى على رسائلهم، فاختفى وكأنه «فص ملح وذاب». هذا حال الكثير من أعضاء المجالس البلدية بعد آخر فوز لهم في الانتخابات الماضية.
حال هؤلاء اليوم يتمثل في خيبات المواطنين وفي غيابهم التام عن الشارع وعن المشهد البلدي بالكامل، أما الوعود فإنها ذهبت أدراج الرياح، لأنهم لم يقوموا بشيء يذكر سوى استلام مخصصاتهم المالية كرواتب مجزية نهاية كل شهر مع علاوات كبيرة لا يستحقونها، تصرف لهم من ميزانية الدولة في حين لم نشاهد أي أثر من آثار العطاء الفعلي على أرض الواقع كمنجزٍ من منجزات أعضاء يتصفون بالكسل والخمول والغياب التام عن ساحة المواطنين.
بكل تأكيد نحن لا نحب ولا يجوز لنا «تعميم» هذا المشهد المؤلم على كل الأخوة الأعضاء، إذ إن هنالك الكثير منهم أيضاً من يتصف بالوفاء لناخبيهم وبعضهم بات يحمل أعباء إضافية لبلديين لا يعملون، فصاروا يحملون على عاتقهم أكثر من مسؤولية في مجال العمل البلدي، بينما أولئك هربوا من العمل الميداني تحت وهج الشمس والمواقع التي تتطلب منهم النزول إلى الشارع في كل وقت وفي أي مكان إلى حيث الراحة والاختفاء.
الكسالى من أعضاء المجالس البلدية وبعد أن رأوا رأي العين أن الدولة قد ألغت المجلس البلدي الخاص بالعاصمة وإنشاء أمانة عامة محله لأسباب يعرفها كل الأعضاء، اليوم، وبعد تسريب أخبار من هنا وهناك عن احتمالية إلغاء بعض المجالس البلدية، بدأ بعض الخاملين منهم يخرجون من كهوفهم متسائلين، هل ستلغي الدولة المجالس البلدية كلها أم أنها ستلغي بعضها؟ وهل سيشملنا القرار أم لا؟ وأي تلكم المحافظات هي التي يمكن للدولة أن تلغي مجالسها البلدية لتستعيض عنها بأمانة؟
هؤلاء لم يتساءلوا عن السبب الحقيقي لإلغاء المجالس البلدية لو كانت الحكومة بالفعل ستقوم بإلغائها، وإنما تساءلوا عن أوضاعهم الشخصية والمستقبلية المتعلقة بالرواتب والامتيازات، وهذا دليل آخر على أنهم جاؤوا إلى المجالس البلدية لا بهدف خدمة المواطنين والمقيمين ولا هم يحزنون، وإنما دخلوا لأجل الفوز لاعتبارات شخصية واجتماعية.
يجب على الدولة اليوم أن تقوم بمحاسبة كل عضو بلدي يستلم مخصصات مالية مجزية وأكثر من مجزية لكنه لا يعمل، حتى لو وصل الأمر أن تلغى بعض المجالس البلدية وتحويلها لأمانات كما جرى للعاصمة المنامة في حال رفضوا تصحيح أوضاعهم، فحين تفشل المجالس في تحقيق أهدافها يجب أن تضع الدولة حداً لاستهتار بعض منتسبيها وقطع الطريق على كل عضو متملق خائب لا يريد أن يكلف نفسه الرد حتى على مكالمات المواطنين.