لم أتحدث أبداً عن الأحكام القضائية، ولم أنتقدها، لإيماني الراسخ بأن العدالة في البحرين فوق مستوى الحديث والنقاش.
وما سأعرج على ذكره هو مجرد «بوح» لا أكثر، فلكم تمنيت أن تسمح لي سياسة الصحيفة أن أكتب مقالي باللغة الإنجليزية لكي يفقهها السادة سفراء الدول الأجنبية في البحرين ويرفعونها إلى من يهمه الأمر.
سعادة السفراء في بلدي البحرين، لقد قرأت في الصحافة البحرينية خبر الإفراج عن المحكومتين زينب الخواجة وأرينا بوجوتوفا، مراعاة لحالتيهما الإنسانية وحفاظاً على طفليهما، وجاء في نص الخبر أنه «في ضوء ما تضمنته تقارير الأمانة العامة للتظلمات بشأن ما أسفرت عنه زيارتها لمركز تأهيل السجينات من وجود المحكوم عليها زينب عبدالهادي الخواجة، والمحكوم عليها أرينا بوجوتوفا بالمركز، تنفيذاً للأحكام الصادرة ضدهما، وبرفقة كل منهما صغيرها البالغ من العمر سنة وأربعة أشهر بالنسبة للأولى وأربعة سنوات بالنسبة للثانية، وأنه على الرغم من توفير وسائل المعيشة والرعاية المناسبة للنزيلتين المذكورتين وطفليهما، فقد أوصت الأمانة العامة للتظلمات في تقريرها بضرورة النظر في وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليهما خشية تأثرهما نفسياً بوجودهما داخل المركز خاصة».
سعادة السفراء، لست ضد القرار الذي أصدرته النيابة العامة، فأنا «أم» وأستشعر خطر وجود «طفل» في السجن بصحبة «والدته المحكومة»، وأقدر عالياً للقضاء البحريني نظرته الإنسانية لهذه الحالة.
وانطلاقاً من الحالة الإنسانية فأنا لدي «ابنان» أحدهما يبلغ من العمر 5 سنوات، وقد أنجبته تحديداً في «عز الأزمة في 2011»، والآخر يبلغ من العمر عامين ونصف، وكوني «أماً»، فإني أسعى بشتى الطرق إلى أن أخلق لهما مناخاً آمناً، وأجنبهما أي منظر مروع من شأنه أن يؤثر على نفسيتهما، ولكني لا أستطيع أن أضمن لهما الأمان في كل الأوقات. فلدينا «مجموعة» خارجة عن النظام والقانون تقوم تارة بحرق الإطارات بالقرب من منزلي، وتارة أخرى تشعل النار في حاويات القمامة. ما زلت أذكر يا سعادة السفراء عندما سألني ابني الأكبر عن سبب النيران المشتعلة في وسط الطريق، ومن هؤلاء الذين يغطون وجوههم ويشعلون النيران؟ أخذ يبكي وهو خائف، ما زلت أتذكر نظراته التي كانت مليئة بالخوف من منظر النيران المشتعلة، والدخان المتصاعد!! والناس المرتبكين من حولنا!! وهو يصرخ «أمي أنقذيني.. سنموت»، وبدأ ابني الآخر بالصراخ والبكاء من هول المنظر!! حينها يا سعادة السفراء شعرت بأنني «أم عاجزة»، لا تستطيع توفير البيئة المناسبة لابنيها!! كنت حينها أقود سيارتي، وكان «ابني» و»أخيه» مثبتان في كرسيهما الخاص بالجلوس في السيارة»، كان يبكي ويرجوني أن أفك «حزام الأمان وأحتضنه لأنه يشعر بالخوف!! ولكني لم أتحرك من مكاني.. فلم تستطع قدماي أن تحملاني من مكاني من شدة الخوف!! لم أعرف كيف لي أن أتصرف في مثل هذه المواقف؟ كنت أود أن أفتح باب السيارة وأصرخ في وجه «الخارجين على القانون» وأقول لهم كفى، كنت أريد أن أحتضن أبنائي وأطمئنهم، ولكني كنت «خائفة» كنت «ضعيفة»!!
وفي موقف آخر، شاهد ابني «الدخان الأسود المتصاعد من حرق الإطارات ذات مرة ونحن نلعب ونلهو في حديقة المنزل، فقال لي بعفوية «أمي انظري إلى السحابة السوداء، لماذا لونها مختلف؟! أيوجد حريق بالقرب منا؟!
في المرتين اختلقت له أعذاراً وهمية لكي أجيب على أسئلته. في المرة الأولى قلت له «لا تقلق، إنهم مجرد ممثلين يمثلون مشهداً من فيلم «أكشن». لن يستطيع أحد إيذاءك يا صغيري، وفي المرة الثانية قلت له إن السماء سوف تمطر، ولهذا أصبح لون الغيوم أسود!!
سعادة السفراء، بلادكم وقفت وتضامنت مع المحكومتين زينب الخواجة، وأرينا بوجوتوفا من أجل هدف سامٍ جداً، وهو الحفاظ على السلامة النفسية لطفليهما اللذين وُفرت لهما وسائل المعيشة داخل السجن. فهلا وقفتم معي ومع غيري من الأمهات اللاتي يخشين أن يتأثر أبناؤهن نفسياً من مظاهر «الإرهاب» المتكررة في البحرين. ألا وقفتم معنا لتدينوا «الإرهاب» الذي أصبح يلاحق أبناءنا حتى في مدارسهم!! فلا أظن أنه يخفى عليكم التخريب الحاصل للمدارس مثلاً!!
لا أقصد من كلامي يا أصحاب السعادة السفراء أن تتدخلوا في شأننا الداخلي، فشأننا الداخلي نحن أولى به، ولكني أقصد أنكم وغيركم من الدول المتضامنة مع «المحكومين عليهم» حينما تتدخلون في قرار القضاء البحريني بحجة «الإنسانية « فمن الأولى أن تنظروا إلى «كل» اللوحة وليس إلى جزء منها فقط.