لم يكن مفاجئاً تصنيف تقرير الخارجية الأمريكية للإرهاب الدولي لعام 2015 إيران بأنها «أكبر راعٍ للإرهاب في العالم»، على الأقل بالنسبة لمتابعي الشأن الإيراني والمحللين، فهؤلاء يعرفون الكثير عن «تدخلات طهران ودعمها للعنف والإرهاب في سوريا والعراق، وعن دورها في زعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، وعن ضلوعها في أعمال العنف التي تقوم بها «المعارضة» في البحرين، ودعمها للجماعات المتطرفة كـ»حزب الله» اللبناني، وقيامها بزعزعة الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط من خلال فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني»، بل إن التقرير لم يكن مفاجئاً حتى لغير هؤلاء، فما تقوم به إيران صار مكشوفاً للجميع.
التقرير المذكور أوضح أن من الأسباب الرئيسة لتصدر إيران قائمة الدول الراعية للإرهاب في العالم هو استخدامها لـ «فيلق القدس»، والمصنف أساساً في قائمة الإرهاب الدولية، من أجل تحقيق أهداف السياسة الخارجية الإيرانية، مما أدى إلى زعزعة الاستقرار في كافة أنحاء الشرق الأوسط، فإيران لاتزال تقدم السلاح والدعم المالي لجماعات مصنفة بقائمة الإرهاب، وتقدم كل شيء لكل من تجد أنه قادر على الإسهام في تحقيق أهدافها الرامية إلى السيطرة على المنطقة، بغض النظر عن كل شيء.
ورغم أن التقرير اعتبر أن تنظيم الدولة «داعش» لا يزال الأخطر كونه يتوسع عبر فروع تبايعه إلا أنه لا يقلل من خطر إيران ويضعها في أعلى قائمة الدول الراعية للإرهاب في العالم، وهذا للأسف صحيح ويؤكد ما قاله قبل حين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير وجزمه بأن ما تعاني منه إيران حالياً يصعب معه تحسين علاقات دول مجلس التعاون، وعلى الخصوص السعودية، معها.
طبعا إيران لم تتأخر عن توجيه كل الاتهامات للولايات المتحدة وأنكرت كل ما جاء في هذا التقرير وفي غيره من اتهامات لها واعتبرت أنه أعد فقط للإساءة إليها «لأنها على الحق» ولأنها «تدافع عن المظلومين في العالم»، بل إن المرشد الإيراني علي خامنئي سارع بتوجيه الكثير من النقد للولايات المتحدة في الاحتفال بذكرى الخميني ووصفها وبريطانيا بـ «الشيطان الأكبر» وبـ «الخبيثة» .
التقرير دونما شك يخدم سياسة الولايات المتحدة وهو سياسي بالدرجة الأولى لكنه أيضاً مليء بالحقائق، فالمعلومات التي احتواها عن إيران ليست بعيدة عن الواقع بل حقيقية ويراها حتى من يعاني من ضعف في النظر، فأينما تلفت الإنسان رأى آثار الفأس الإيرانية، في لبنان، في سوريا، في العراق، في اليمن، وفي البحرين، وفي غير هذه الدول، كلها عانت وتعاني من التدخل والإرهاب الإيراني، وأينما تلفت رأى كيف أن الأحزاب والجماعات المحسوبة على إيران تعمل بقوة على تحقيق الأهداف الإيرانية، وليس ما يقوم به «حزب الله» في لبنان إلا مثالاً، وليس ما يقوم به «الحشد الشعبي» في العراق إلا مثالاً آخر، وليس ما يقوم به «الخبراء الإيرانيون» في سوريا إلا مثالاً ثالثا. أما التدخل الإيراني في البحرين وفي دول خليجية أخرى فيعرفه أهل البحرين وأهل تلك الدول جيداً والأدلة عليه كثيرة ليس أولها الأسلحة التي حاولت تهريبها وليس آخرها الدعم الإعلامي المفضوح لكل من تتمكن من الضحك على ذقنه ليصير عدواً لوطنه وأهله.
ما جاء في التقرير المذكور يؤكد المؤكد ولا يثير الدهشة، فكل ما تضمنه عن ممارسات هذه الجارة الضارة حقائق لم تعد خافية على أحد ويؤكدها الواقع، فإيران ضالعة في أعمال العنف في العديد من البلدان ومنها البحرين، ولولا التدخل الإيراني وتحريكه لعناصره في الداخل البحريني لانتهت منذ زمن المشكلة التي من الواضح أنها تريدها أن تزداد تعقيداً، كون تعقدها يخدمها.