صرح السفير الروسي لدى حلف شمال الأطلسي «الناتو» ألكسندر غروشكو في حديث إلى صحيفة «روسيسكايا غازييتا» الرسمية، أن الحلف يتبع الأساليب الأمنية التي كانت معتمدة خلال الحرب الباردة. وأن هذا الأسلوب يؤدي إلى توتر علاقة روسيا بالحلف. وأضاف أن الحلف يسعى «لاحتواء» روسيا. واستعمال كلمة احتواء التي هي من مفردات الحرب الباردة بحيث كانت تستعمل كتعبير للدلالة على عملية عزل الاتحاد السوفييتي. وهنا ترى روسيا نفسها محاصرة في الزاوية، فمن جهة مغامراتها الخاطفة في سوريا انحسرت في وجه «رعد الشمال»، ومن جهة، أوروبا لا تتقبل هيمنة روسيا على أوكرانيا والقرم. وحلف شمال الأطلسي يعزز من وجوده العسكري في شرق أوروبا وقد دعا المجلس البرلماني للحلف إلى الاستعداد للرد على «تهديد روسي محتمل».
فهنا نرى روسيا التي تريد أن تثبت نفسها كقوة عظمى وأن تعيد مجدها السابق، ومن جهة أخرى نرى أوروبا وحلف شمال الأطلسي الذي تتزعمه أمريكا يرفضان تقبل روسيا كقوة عظمى. وفلاديمير بوتين لا يتبع إستراتيجية طويلة المدى بل سياسة انتهازية تسعى إلى التدخل في أي مكان يوجد فيه فراغ للسلطة، من أجل تحقيق مكاسب سياسية. ولذلك فاليوم المغامرات غير المحسوبة تضع روسيا في موقف المواجهة مع العالم الغربي. وهنا السؤال، ماذا سينتج من هذا الموقف؟ هل ستدرك روسيا أن السياسة الهجومية لا تنفع، وأن من الأجدى لها أن تدخل في نمط أكثر تعاوناً مع أوروبا وأمريكا؟ أم أنها ستمعن بالتحدي وستسعى لمغامرات جديدة من أجل إظهار قوتها وتدعيم نفوذها؟ والسؤال، هل روسيا التي هي اليوم أكثر ما هي بحاجة لحشد الحلفاء هل ستسعى لخطب ود الخليج الذي أغضبته بتدخلها في سوريا، واصطفافها مع إيران وبيعها أسلحة للحوثيين؟! اليوم بعدما ظهر في حرب اليمن ترجيح كفة حكومة الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي وبعدما فشلت روسيا في سوريا هل ستعيد موسكو حساباتها وتعدل موقفها من الخليج؟ هل فشل سياسة بوتين الانتهازية سيدفع بروسيا لاتخاذ موقف أكثر توازناً بين إيران والخليج؟
وهنا السؤال، ماذا سيكون موقف العرب من روسيا التي حوصرت في الزاوية؟ هل سيبقون على العلاقة الباردة مع روسيا؟ أم هل سيسعون إلى استقطابها كحليف جديد بديل لأمريكا بعدما هجرتهم تلك الأخيرة؟ أم سيتعلمون من تجربتهم مع أمريكا ولا يثقون مجدداً بالقوى الخارجية التي تتقرب منهم لمصالح آنية وتتخلى عنهم متى لم تعد تلك المصالح موجودة!