ألا فلتعلم المجموعة الانقلابية بكل أجنحتها الدينية منها أو السياسية أو الإعلامية التي رأت في بيان السيد بسيوني الجديد فرصة لها لإحياء آمالها، أنها إن لم تتعلم الدرس مما مضى ومن تجربة 2011 فإنها لن تتعلم أبداً وستظل تدور في ذات الحلقة جيلاً وراء جيل.
الدرس الأول، إن أي استعانة بضغط خارجي سيواجه بمقاومة شعبية ورسمية، ولن يخدمها بأي شكل من الأشكال وسيعيق عمليات الترميم المحلية أو أي حديث عن المصالحة الوطنية، لذا فإن أي استغلال لهذا البيان سيعيدنا وإياكم للمربع رقم واحد.
الشارع البحريني لديه حساسية مفرطة من أي جهة خارجية أجنبية تتناول الشأن البحريني، وكل تعاون مع أي جهة أجنبية يسد الأبواب والآذان المحلية مع الطرف الذي يستعين بالخارج، فما حدث للدول التي استنجدت فيها مجموعة خانت أوطانها بدعم خارجي، يجعل المجتمع البحريني ينفر بسرعة من خطاب الخارج، إذ سقطت الدولة ولم يسقط النظام في تلك الدول، والمجموعات الخائنة هي الآن التي تعض أصابع الندم بعد أن أغرقت أوطانها في أتون الصراعات العرقية والمذهبية، والقوى التي استعانت بها تلك المجموعة تمص الآن دماء الجميع بلا استثناء فتأخذ خيرات الدول بدون حساب وتبيعهم الأسلحة، لهذا قاوم الشعب البحريني مقاومة شرسة أي محاولة لهذه المجموعة بإقحام طرف خارجي، وإن كان منظمة دولية أو اتحاداً أو دولة أجنبية، لذا فإن «الطنطنة» من جديد على تقرير بسيوني من خلال بيانه التوضيحي لن تخدم أي أجندة سياسية لهذه المجموعة.
الدرس الثاني، إن أي أجندة إصلاحية تدعي هذه المجموعة أنها تسعى لها فإنها لن تتم دون أن تكون هذه الأجندة وطنية بامتياز وشاملة لكل أجنحة المجتمع البحريني دون إقصاء، وأي عمل انفرادي سيلقى ذات المصير الذي لاقاه حراك 2011.
الدرس الثالث، هو أن الأمن الجماعي والوطني فوق أمن الفرد، لذا فإن كانت هناك من «توصيات» للأخ بسيوني لم ير -هو- أن الدولة «أكملتها»، فإنها حتماً لم تستكمل سبباً وجيهاً فإكمال بعضها قد يمس الأمن، لذا فإن إكمال تلك «التوصيات» سيلقى مقاومة شعبية أكثر منها رسمية، وأي استعانة بأي طرف خارجي أو استغلال لهذه الورقة من جديد إنما يبني مزيداً من الحواجز بينكم وبين المجتمع البحريني ويؤخر أي توصية بمعالجة «الشرخ» الذي أحدثتموه في جسدنا.
الدرس الأخير، هو للجناح الإعلامي للمجموعة الانقلابية بعد أن بقيتم وظللتم وحدكم في الساحة التي دمرت بسبب نزق القيادات الدينية والسياسية وعدم واقعيتها. فرغم أنكم كنتم سبباً رئيساً في ذلك الشرخ بين شارعكم وبقية المجتمع البحريني حين أصبحتم تابعين لا قياديين للرأي العام في شارعكم، تعرفون مقدار انحرافه وتعرفون تبعات ذلك الانحراف، إلا أنكم جبنتم عن الأخذ بزمام المبادرة وترشيد الرأي السياسي والديني، وبدلاً من قيادة الرأي العام أصبحتم تابعين لقيادات أودت بالبحرين كلها لا بشارعكم فحسب إلى منحدر خطير هدد أمن الجميع.
وها أنتم اليوم مستمرون على ذات النهج دون أدنى محاولة لحمل الأمانة والانتقال إلى مخاطبة الداخل بدلاً من مخاطبة الخارج، عاجزين عن توجيه شارعكم للانخراط بالعمل المحلي الوطني وبالانفتاح على المجتمع البحريني، وبالكف عن مخاطبة الخارج أو استغلال ورقة الضغط الخارجي، وكأنه كتب على شارعكم منذ «ديلي» إلى اليوم التوجه للخارج وفي كل مرة يكتب لهذا التوجه الفشل. اليوم هنا دولة، وهنا مؤسسات وهنا قانون وهنا شركاء في الوطن، وإن كان من عمل خير تقومون به فهو البدء منذ اليوم منذ اللحظة بغلق باب الاستعانة بالخارج، وبالتعلم من جديد في كيفية بناء الدولة وإصلاحها من الداخل وجعل تجربة 2011 هي الأخيرة لسلسلة محاولات باءت بالفشل بالاستعانة بالخارج.