يختص الصائم بباب خاصّ له في الجنة، لا يشاركه فيه أحد، وهو مضمون قوله عليه الصلاة والسلام: «في الجنة باب يدعى الريان، يدعى له الصائمون، فمن كان من الصائمين دخله، و من دخله لم يظمأ أبداً» البخاري، بل اختصه المولى سبحانه وتعالى بنفسه دون سائر الأعمال، وهو ما يبينه عليه الصلاة والسلام بقوله: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به». وفي رواية لمسلم «كلّ عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال تعالى: إلاّ الصوم فإنه لي و أنا أجزي به...».
وإن مما يعطي الصوم هذه المنزلة وهذه الخصوصية، ما يلازم هذه العبادة من صدق وإخلاص، لخلوّه من الرياء، حيث طبيعة هذه العبادة لا تتوافق مع الرياء، فالمرائي يفعل الفعلة أمام الناس كسباً للحظوة عندهم، فإذا انفرد بنفسه، انعدم دافع الرياء، ومن صام أمام الناس ثم أكل عند الانفراد لا يسمى صائماً، لذا يقول عليه الصلاة والسلام: «من صام رمضان إيماناً و احتساباً غفر له ما تقدّم من ذنبه» البخاري ومسلم، وفي رواية لأحمد (وما تأخر)، فالإخلاص وصدق التوجه إلى الله تعالى، مكمن الخصوصية عند الله تعالى «وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء».
هذا هو السرّ في خصوصية الصيام دون سائر العبادات، فإن للإخلاص مكانة عنده سبحانه لا تعدلها مكانة، فالعمل حتى يقبل ويرتفع في السماوات لا بد له من جناحين، جناح الاتباع والاقتداء بما جاء به محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وجناح الإخلاص وصدق التوجه إلى الله، لأن الله أعز الشريكين، ولا يرتفع إليه عمل أشرك فيه فاعله مع الله أحداً، لذا يقول تعالى: «وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدّين حنفاء..» (البينة 5) ومن منطلقه كانت الخصوصية والاستحقاق لأعلى الدرجات، قال عليه الصلاة والسلام: «ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله تعالى، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفاً» رواه البخاري ومسلم.