خمسة عشر عاماً والدولة تحاول أن تحتوي قيادات تيار «الولي الفقيه» في البحرين الدينية والسياسية والإعلامية وتشجعها على الانخراط في نسيج «الدولة» بلا فائدة، محاولات جميعها باءت بالفشل، ظلت هذه المجموعة على موقفها الرافض للدولة رغم تمتعها بكافة حقوقها الدينية والسياسية والمدنية التي تدعي أنها «تناضل» من أجلها. لم تتخلَ تلك المجموعة لحظة واحدة عن أهدافها التي اجتمعت حولها منذ تأسيس حركة «أحرار البحرين» إلى اليوم، رغم عودتها للبحرين ومنحها جميع الضمانات وتصويتها على الميثاق الوطني إلا أن الأهداف التي تأسست عليها هذه الحركة ظلت هي محركها طوال الخمس عشرة سنة الماضية، وتلك أهداف لا يمكن أن تستقيم مع «الدولة» الحالية فهي قائمة على «تحريرها» من نظامها السياسي الحالي!!
خمسة عشر عاماً فعلت الدولة المستحيل بما فيها خرق الأحكام الدستورية وصدور عفو ملكي لأكثر من خمس عشرة لمتهمين من تلك المجموعة قبل محاكمتهم وقبل صدور أحكام عليهم مما يخالف الدستور، إنما من أجل احتواء هذه المجموعة وتشجيعها على الانخراط في العمل السياسي المعارض باحترافية كما يسمح به دستور مملكة البحرين، فعلت الدولة المستحيل.. إنما دون فائدة. تمتعوا بحقوقهم السياسية كما لم يتمتع بها أي معارض عربي في إقليمنا الذي يضم دولة وليهم الفقيه، شكلوا الأحزاب وأصدروا الصحف وفتحوا المقرات ودخلوا الانتخابات ووصلوا للنائب الأول للغرفة المنتخبة وخاضوا غمار الانتخابات البلدية والعمالية والمهنية ولم يتركوا مؤسسة مدنية لم يتغلغلوا فيها والدولة تفتح لهم ذراعيها بلا حدود، دون أن تحاسبهم على ما ارتكبته أيديهم من مخالفات إلى جرائم يطالها القانون، .... لعل وعسى.
صنعوا لهم «سيموليتر» إيراني أي هيكلية تنظيمية إيرانية على رأسها مجلس للعلماء يماثل مجلس الفقهاء الإيراني وسكتت الدولة، استلفوا النظام الإيراني استلافاً في تأسيس نظامهم الداخلي الحزبي بمجلس الشورى والأمانة العامة، وغضت الدولة البصر، تماثلوا مع إيران تماثل اللصيق، وكبيرهم أعلنت إيران أنه يمثلها في البحرين وتغاضت الدولة، كل ذلك لعل وعسى تنخرط هذه المجموعة في الدولة وتطوي صفحة الصراع السياسي وننتقل إلى العمل السياسي المشترك البناء المعارضة فيه دستورية تعمل ضمن الأطر التي حددها الدستور والقوانين، والتطور والاستمرار ديدنها، ولكن دون فائدة، استمروا في موقفهم وفي اتصالهم ودعمهم لكل تنظيم إرهابي يزعزع أمن الدولة ويعمل تحت إمرة الحرس الثوري الإيراني مباشرة، بل أكثر من ذلك عمل جناحهم السياسي والإعلامي على تقديم كافة أشكال الدعم للتنظيمات الإرهابية داخل وخارج البحرين، وسكتت الدولة وغضت الطرف.. فهل تصلح هذه السياسة الآن بعد أن وصلت السكين إلى العنق؟ هل سنظل نسكت ونسكت ونسكت حتى يهددوا أمن الخليج كافة بسبب تهاوننا؟
هل نستمر على سياسة المؤلفة قلوبهم بعد أن اتضحت معالم المشروع الدولي وضلوعهم فيه وكشف عن وجهه؟ وهو مشروع يعني بزعزعة الأمن وتهديد دول الخليج العربي كافة لا البحرين فحسب، مشروع يهدف لإغراق الدول الخليجية في إتون الإرهاب والفتن وعدم الاستقرار وهذه المجموعة ضالعة فيه وبتعاون واضح جداً مع قوى دولية متحالفة مع إيران تعمل بكل جهدها لدعم هذا التيار وهذه المجموعة بكل ما أوتيت من قوة، فلا تتحرك الخارجية الأمريكية إلا لدعم هذه المجموعة التي اسثتمرت فيها، فتهب فزعة من نومها حين تطال يد القانون جمعيتها أو رجال دينها أو صحيفتها، فتسارع البحرين والبحرين فقط بالتراجع والتردد في حسم قرارها. اليوم دول الخليج تخوض حرباً سافرة مع هذه المجموعة لا مع الشيعة، بل أكثر المتضررين من هذه المجموعة هم الشيعة الذين تتخذهم المجموعة دروعاً بشرية يتذرعون بها لاتصالهم بالخارج إقليمياً ودولياً، فإلى متى وهذه المجموعة تستهين وتستهر بأمننا ولا تحسب حساب الظرف الذي نمر فيه بل تستغله أبشع استغلال وتستمر في مشروعها؟ إلى متى هذا الخطاب الإعلامي المضلل الذي يقود الشارع الشيعي إلى الفراغ والفضاء الافتراضي مغرراً بشبابها وبمستقبلهم؟
أمازلنا نصدق أن تلك غلطة وذاك سهو وهذا لا سيطرة لنا عليه وووو، أما زلنا بهذه السذاجة رغم أن سكين المشروع تحز رقابنا؟ أمازلنا نحسب حساب «اقتناع» أمريكا بأن أمننا وسيادتنا فوق أي اعتبار؟
آخر ما نتمناه أن تكون البحرين المنطقة الرخوة التي يتسلل منها هذا المشروع بسياستها المترددة والمتهاونة.