أنا فتاة على وشك التخرج، واجهني مرض السرطان، أراد أن يهزمني فهزمته، أراد أن يمنعني من الدراسة فخيبت ظنه، أحمد الله الذي جعلني أقوى من كل ما عانيته من هذا المرض، وها أنا اليوم أجلس في بيتي وإلى جواري «روب» التخرج، منتظرة أن يتم إعلان اسمي كمتخرجة من مدرسة مدينة حمد الثانوية للبنات.
عرفت عن إصابتي بالمرض وأنا في سن الثانية عشرة، ولم أكن أعرف عنه شيئاً أبداً، شفيت منه في أول مرة، ثم عاودني مرة أخرى، كنت أنام في الليل من شدة الألم، وأخشى ألا أصحو في اليوم التالي. لكن الله سبحانه وتعالى مدني بالقوة الكافية لأقاوم المرض وأكون قوية، بكيت ذات يوم حين صحوت من النوم ووجدت خصلات شعري على مخدتي، لقد فقدت شعري عدة مرات، وفقدت الإبصار من عيني اليسرى، ولكن الله حباني بإرادة أقوى من كل ذلك.
كنت ومازلت طالبة متفوقة، ولكن ظروف علاجي بالخارج وآثار هذا العلاج على جسمي وذاكرتي ونفسيتي كانت كبيرة جداً، لم أعد أستطع القيام بالواجبات المدرسية مثل بقية الطالبات، خشيت أن يؤثر ذلك على مستقبلي الدراسي، ولم أكن أحمل لوحدي هذا الهاجس. فكل طالب مصاب بهذا المرض يقول لي حين أزوره بالمستشفى: «الحمد لله لكن أبي أروح المدرسة».
وجاءت الانفراجة من خلال القرار الذي أصدرته وزارة التربية والتعليم بمساهمة من جمعية أمنية طفل بمعاملة المرضى المصابين بالسرطان كفئة من فئات ذوي الاحتياجات الخاصة، وعدنا إلى مقاعد الدراسة، وكانت فرحتي لا توصف وأنا أعود إلى مقعد الدراسة إلى جوار زميلاتي. وكانت فرحة زميلاتي لا توصف حين دخلت قاعة الدرس. لقد كانت عودتي أشبه بالاحتفال.
أيام قليلة تفصلني عن تخرجي من المدرسة، سأقف مع زميلاتي خريجات مدرسة مدينة حمد الثانوية للبنات، وسأنتظر أن يعلن عن اسمي كمتخرجة من المدرسة، إنها رحلة الإرادة والإصرار، رحلة الإيمان بالله، رحلة الثمرة بعد التعب، إنها قصتي.