رسالة جميلة واعية حرص رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة على تأكيدها في مستهل زياراته إلى المجالس الرمضانية حيث دعا إلى «استثمار أيام الشهر الفضيل في نشر ثقافة المحبة والتسامح والوئام»، ففي مثل هذه المرحلة التي تمر بها البلاد لابد أن يستثمر كل عاقل في أيام شهر رمضان المبارك بنشر هذه الثقافة التي من شأنها أن تهيء الساحة إلى قبول أحدنا للآخر والحرص على أن يكون الارتقاء بوطننا العزيز هو الغاية والهدف من أي لقاء يجمع بيننا. ولتأكيد هذا المعنى أتبع صاحب السمو تلك العبارة بقوله «إن شعب البحرين بوحدته وتماسكه هو السند لكل جهد وطني يستهدف مواصلة ما تحقق من مكتسبات ومنجزات تنموية»، منبهاً بذكائه المعهود إلى أن الوسيلة لتحقيق كل ذلك هو «تكاتف الجهود للانطلاق بالبحرين نحو آفاق مرحلة جديدة من النهضة والبناء تعزز من مكانة المملكة إقليمياً ودولياً وتحقق لشعبها المزيد من المكتسبات».
الرسالة الأخرى التي حرص صاحب السمو على تأكيدها، ويؤكدها أيضاً ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة في زياراته الرمضانية هي أن تلك الزيارات ليست فقط لتبادل التهاني والتبريكات بمناسبة حلول شهر رمضان الفضيل وتعزيز قيم الترابط الاجتماعي التي وصفها سموه بأنها «سر قوتنا» ولكن أيضاً للقيام بعمل مهم هو إذابة الجليد الذي تراكم بسبب ما مر على البلاد من أهوال وأحداث لم تكن تخطر على البال، فمثل هذه الزيارات تؤدي إلى توفير حالة الصفاء المطلوبة والتي يمكن أن تعين الجميع على تدارس ما جرى ومعرفة سبل الإفلات منه، لهذا حرص سموه أيضا على تأكيد أن التواصل الاجتماعي بين مختلف الفرقاء ينبغي أن يكون طوال السنة بسبب «أثره على الصعيد الوطني».
التواصل بين أطياف المجتمع ومركباته في أيام شهر رمضان ينتج مفيداً، ولهذا دعا سموه وسمو ولي العهد إلى «استثمار أيام هذا الشهر الفضيل في نشر ثقافة المحبة والتسامح والوئام» وإلى العمل على جعله «شهر خير وبركة بالعمل الصالح وبنبذ الفرقة والابتعاد عن التشرذم والانقسام»، فميزة هذا الشهر الكريم أنه يدفع نحو تعزيز قيم الترابط والتآخي وجعلها حاضرة في الشأن الوطني دائماً «لتفويت الفرصة لمن يتربص بوحدتنا واستقرارنا».
هذا ما تقوم به الحكومة في شهر رمضان وقامت به في الأسبوع الأول منه، فما الذي قامت به «المعارضة» في الأسبوع نفسه؟ سؤال ينبغي أن تجيب عنه الجمعيات السياسية، أو على الأقل تطرحه على نفسها وتعتبره مهما، فهذه الجمعيات جزء من المجتمع، والطبيعي هو أن تستغل فرصة شهر رمضان لتفويت الفرصة على من يتربص بوحدة هذا الوطن واستقراره ولتعزيز اللحمة الوطنية ولتوصيل الرسائل التي تعتبرها مهمة وتفتح أمامها الطريق إلى حيث يمكن أن تجد الحل المناسب لإخراج الوطن من محنته، فماذا فعلت في ذلك الأسبوع؟
جمعية «الوفاق» على وجه الخصوص نظمت برنامجاً لزيارات المجالس الرمضانية، وكذلك فعلت جمعيات سياسية أخرى هيأت أيضاً مجالسها لاستقبال المهنئين بالشهر، مع فارق أن تلك الزيارات لم تحقق منها شيئاً يخدم «قضيتها»، والسبب هو أنها حرصت على أن تقول إنها متواصلة مع الناس وأنها لا يمكن أن «تخذلهم» وأنها «على العهد باقية». فعلت ذلك في الوقت الذي تعلم فيه جيداً أن الطريق المعين على حل المشكلة العالقة والمقلقة للجميع والمؤثرة على حياة الوطن هو زيارة مجالس أخرى سيرحب أصحابها بوفودها وينظر إليها الجميع بمنظار مختلف، فمثل هذه الزيارات لو قامت بها الجمعيات السياسية يمكن أن تعين بالفعل على إذابة كثير من الجليد الذي تراكم في السنوات الخمس الماضية.