العمل السياسي من الأعمال المعقدة بالعالم، وقد يكون محور مستقبل الأجيال القادمة، ولكن عندما يمزج العمل السياسي بصناعة أجيال ذات عقول مبرمجة على الكراهية فهنا ندخل بنظرية الإعلام، وهي نظرية الغرس الثقافي والتي أصبحت في الفترة الأخيرة من التطبيقات الأساسية التي تطبق في التعليم وخاصة في المدارس الإسرائيلية بهدف خلق جيل مبني على كراهية المسلمين!
هناك محاور أساسية للعمل السياسي ومنها الأهداف الإستراتيجية للوصول للغاية أو الهدف، إلا أن ذلك يتطلب مكونات أساسية وهي خلق رمز تقتدي به الأجيال ومن ثم خلق مجموعة من الرسائل التي يتم البناء عليها في المستقبل حتى تصبح أرضية ثابتة ولتتحول بعدها إلى عقيدة يصعب التشكيك بها للفرد، وبالتالي تعتبر قاعدة تغيير الأفكار والمعتقدات هي من أصعب المهام التي تواجه الدول اليوم على اعتبار أن البناء لم يغرس المفاهيم الصحيحة لخلق الاستقرار والأمن.
ومن هنا نتطرق إلى موضوع المقال وهو أن المشروع الانقلابي القادم يطبخ على نار هادئة بمعنى أن الكيانات السياسية المعارضة ذات التوجهات الراديكالية التابعة لـ «ولاية الفقيه» في البحرين تعمل اليوم على زراعة مفهوم الكراهية في عقول الأجيال القادمة، ولكل من يعارضها، وذلك عن طريق الرسائل التي توجهها عبر حسابات برامج التواصل الاجتماعي لكونها سريعة الانتشار وتتيح التفاعل معها.
كما أن مؤشرات المشروع الانقلابي لن تكون كسابقاتها بوجود تظاهرات وأعمال تخريب بل اليوم يمتد هذا المشروع ليتجاوز ما سبق إلى صنع مؤثرات مزورة عن طريق كسب أكبر قدر من المؤيدين، وذلك من خلال العمل على قاعدة يتم البناء على أساسها، أي أن المشروع الجديد هو إعادة ترميم الخلافات وصنع جبهة مشتركة حول الأهداف وإستراتيجيات العمل القادمة، بحيث تمارس فيه التقية السياسية وفي نفس الوقت تمارس فيه أعلى معدلات التأييد لهذه التقية للوصول إلى غاية مهمة وهي أن نصل إلى الهدف الأساس وهو تنفيذ المشروع القادم.
الغريب بالموضوع أن هذا المشروع الجديد الذي لا ينتبه إليه إلا القلة القليلة، وربما انتبه له المحللون، لا يعتبر الأول من نوعه الذي تنفذه القوى السياسية حيث تم تنفيذه بشكل مكرر وخاصة في التسعينات، وخلال الأزمة الأخيرة التي مرت بها البحرين في عام 2011، ولكن يأتي هذا المشروع بطريقة عصرية، وهي خلق قاعدة إلكترونية اتصالية يتم بها بناء أجيال لتكون الصف الثاني والثالث لأصحاب المشاريع الانقلابية الماضية على أن يتم صناعة رموز جديدة في الساحة حتى لا تنتهي الأطماع الإيرانية في المملكة وخاصة التابعين لـ «ولاية الفقية».
ودون التطرق لتفاصيل كثيرة، فإن واقعة سجن أحد الشخصيات المؤيدة لـ «ولاية الفقيه» وهو علي سلمان جعلت حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي يقوم عليها أتباع «ولاية الفقيه»، في حالة استنفار خاصة من قبل العاملين عليها، إذ وحدت جهودها للقيام ببث رسومات وأفلام وأحداث مزورة بكل تفاصيلها لتظهر هذه الشخصية على أنها شخصية نضالية سياسية وفي الحقيقة فإن هذه الشخصية كانت تسعى لتنفيذ المشروع الانقلابي على الحكم، ورغم ذلك فإنها حولته إلى بطل!
وبالتالي المملكة تواجه تحديات ليست بالسهلة، بل هي من أصعب التحديات لأي دولة، فاستمرار مثل هذا المشروع الانقلابي القادم بصورته العصرية يتسبب في الكثير من الأمور التي يتطلب منا العمل على مواجهتها بكل الأساليب والقرارات المصيرية، خاصة تلك الحسابات التي باتت تروج لشخصيات إرهابية على أنها شخصيات نضالية وتزرع في عقول الأجيال القادمة تلك الرسائل، وهي مشكلة علينا جميعاً التكاتف من أجل القضاء عليها سواء إعلاميين أو شخصيات سياسية أو رجال الدين أو القطاعات المؤثرة، من أجل أن تستوعب تلك الأجيال أن ما يروج لها هو مجرد رسائل ليكونوا الصف الثاني من هؤلاء الإرهابيون الذين ينفذون أجندة «ولاية الفقيه» والأطماع الغربية في المملكة، وعليه فإن المشروع الانقلابي القادم يتم إعداده على نار هادئة من خلال زرع الكثير من الأفكار في عقول الأجيال القادمة لتسليم راية الإرهاب لهم، ولكن مهما تعددت تلك المشاريع فهناك أجيال تم تربيتها من أجل الدفاع عن تراب هذه الأرض وهذا الأمر لم يستوعبه أتباع «ولاية الفقية» إلى الآن، ولكن سيأتي ذلك اليوم الذي سيمحى به تاريخ «ولاية الفقيه» من مملكة البحرين والمؤشرات الحالية تتجه إلى ذلك، فالمشروع الانقلابي القادم سيفشل كالباقي لسبب لا يقبل التشكيك فيه، أنه ما بني على باطل فهو باطل!