قرار تصحيحي في محله تأخر، ولكن أن تأتي متأخراً أفضل من ألا تأتي أبداً، وحين يكون القرار متعلقاً بالأمن الوطني وفي ظل هذه الظروف الإقليمية الراهنة فإن بيان وزارة العدل هو ما أنتظر سماعه كمواطن بحريني يكفيني كمبرر قانوني أمني سياسي للحكم بحل جمعية «الوفاق»، ولست معنية بإقناع أي طرف خارجي، البحرين اليوم تصحح مسارها وتعيد الأمور لنصابها، وتعيد تموضعها كدولة للقانون وللمؤسسات ديمقراطية الحكم إنما على أسس سليمة.
فهذا البيان وثيقة تاريخية تكفي للاستدلال بمنطوقها، بيان كفى ووفى وغطى وأفاض وسلمت يد من صاغه، بين أن البحرين اليوم بصدد تصحيح وإعادة العمل بالقانون بلا مجاملة، عدا ذلك ليس لأحد خارج حدود مملكة البحرين حق أحرص عليه كدولة مستقلة ذات سيادة لتبرير موقفي أمامه، دولة صبرت بما فيه الكفاية على هذا النزق وهذا الاستهتار الذي طال أمده من تلك المجموعة وفي ظرف أمني يهدد المنطقة برمتها لا البحرين فحسب، قررت أن تصحح هذا الانحراف ونأمل بالمزيد لتصحيح الانحراف الذي طال العديد من أوجه العمل السياسي.
نعم ستقوم قائمة المستثمرين في هذه المجموعة، الآن مالينوسكي وربعه والسفير ونائبه ووزير الخارجية كيري سيزبدون ويرعدون والبيانات ستصدر، وأبو القلق سيقلق، والمفوضون السامون سيتحسرون، والاتحاد البرلماني الأوروبي سيبدي أسفه والمنظمات الحقوقية ستلطم والـ»بي بي سي» ستقيم سرادق العزاء، وطبعاً صحيفتهم غداً ستصدر هذه الأخبار على صفحتها الأولى، لا كتغطية خبرية إنما للضغط على أصحاب القرار، والتدخل في القضاء لإجبارهم على التراجع، طبعاً فذلك استثمارهم وتلك أدواتهم، ومدخلهم لتحقيق مشروعهم، وهم الآن في ذهول، يعجبون كيف للبحرين الصغيرة أن يكون لها كرامة وعزة واستقلال وقضاء مستقل وقانون وأمن تحافظ عليه؟ كيف لهذه الدولة أن تصحح مسارها على حسابنا؟ فالمشروع كان للتو قد بدأ موجته الثانية فكيف تقطع البحرين الحبل السري للمشروع بهذا الحل؟
كل هذه «الضغوط» متوقعة ولن تكون جديدة علينا وما علينا سوى الثبات وعدم التراجع، محلياً هناك ارتياح كبير لتدخل الدولة لتفعيل القانون، ارتياح كبير للجوء للقضاء، ارتياح كبير للالتزام بالإصلاح السياسي وبالديمقراطية فلا حياد عنها، فليست هذه المجموعة من يحتكر التعبير والعمل السياسي والديمقراطية وهي التي عاثت في كل تلك المبادئ والقيم فساداً.
لنتذكر أن مملكة البحرين حلت حزباً واحداً طائفياً من رأسه إلى أخمص قدميه، بعضويته بتوجهه بممارساته، ولم تحل قانون الأحزاب، البحرين أغلقت مقراً لحزب ولم تغلق 22 حزباً سياسياً، مازالوا مستمرين ويعملون علناً وبعضهم له ممثلون في المجالس المنتخبة وعليهم كلهم تصحيح أوضاعهم وتحمل المسؤولية الوطنية وإلا عليهم أن يتحملوا مسؤولية تخاذلهم.
لنتذكر أن مملكة البحرين فعلت القانون والدستور ولم تخرقه، لنتذكر أن الدولة أعادت الأمور لنصابها وفعلت قانوناً خرقته تلك الجمعية مدة 15 سنة، حين شكلت حزباً سياسياً قائماً على قواعد طائفية صرفة تحرم كل الديمقراطيات العريقة قيامها وتجرمها وتمنعها، وكل ما فعلته البحرين اليوم أنها طبقت القانون الذي جمدته ونأمل ألا تتوقف عجلة الدولة في تطبيقه على جميع الجمعيات السياسية القائمة على أسس طائفية أو تلك التي تستهين بأمننا وسيادتنا الوطنية دون استثناء.
المهم أن نثبت على قرارنا، المهم أن نحترم سيادتنا ونحترم أنفسنا فلا نتراجع، وأن نثبت للعالم أجمع أن شأننا الداخلي هو قرار سيادي ليس لأحد أن يتدخل فيه، سواء كانت أمريكا أو الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة «للتذكير هذه الأطراف الثلاثة تغض الطرف عن مقتل 450 ألف إنسان في سوريا الآن ولا ترى براميل المتفجرات تسقط على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ، وتترك ميليشيات طائفية تحرق المدنيين أحياء أمام سمعها وبصرها، ولم تقلق بشأنها ولم تهز شعرة في رأس مالينوسكي وربعه فهي آخر من يعلمنا الديمقراطية والإصلاحات والحقوق».
البحرين اليوم تتصرف كدولة قانون ومؤسسات، وتطبق القانون عبر مؤسساتها وقضائها، هذه قواعد سليمة ومعافاة تبني عليها الأمم تجاربها الديمقراطية السليمة، البحرين اليوم تصحح مسارها فقد آن أوان التصحيح، فإن كان لنا حلفاء حقيقيون فليساعدونا على تقوية هذه القواعد لا على هدمها.