الفصل الأول من الدستور
المادة 33
ب: «يحمي الملك شرعية الحكم وسيادة الدستور والقانون ويرعى حقوق الأفراد والهيئات والحريات».
هذه المادة التي أناطت بجلالة الملك مسؤولية «رعاية» حقوق الأفراد والهيئات وحرياتهما، حين جاءت «للدستور والقانون» فإنها لم تنط بجلالته رعايتهما، بل ألزمته بحمايتهما، والحماية غير الرعاية، الحماية مسؤولية جسيمة تفوق الرعاية استحقاقاً، والأهم أن المادة ربطت ورهنت الحقوق والحريات بالأخذ في الاعتبار بمستلزماتهما واستحقاقاتهما الدستورية، فإن التزم الأفراد والهيئات باستحقاقات الدستور والقانون وجب على الملك رعايتهما، وإن لم يلتزما فقد وجب على الملك حين إذ أن يتدخل لحماية الدستور والقانون.
وحين وضعنا الميثاق ووضعنا الدستور هيأنا الأرضية فقط ورسمنا الحدود، فقط لوضع القواعد والأسس لنبني عليها «دولة القانون»، أكرر نبني دولة، هذا الذي يجب أن نتذكره حين نراجع خطواتنا اليوم ونصحح المسار لنقيس مدى التزامنا بالدستور وبالقانون في هذه الدولة في ممارسة حرياتنا وفي تمتعنا بحقوقنا كأفراد وهيئات، فإن انحرفنا عنهما فإننا نسقط عن أنفسنا استحقاق الرعاية الملكية.
وما فعله الكثير منا حين مارسنا حقوقنا وحرياتنا كأفراد ومؤسسات وهيئات فإن ما بنيناه على الميثاق والدستور لم يكن قواعد لدولة ولم تكن ممارسة ضمن الأطر الدستورية والقانونية، أبداً بل كان انحرافاً عن أسسها التي يحكمها القانون وتديرها المؤسسات.
فتركت جماعات منا الأسس القائم عليها الدستور وبنت لها مؤسساتها وأذرعها خارج إطاره بحجة الخصوصية تارة أو بأية ذريعة تارة أخرى ولم تقبل بحكم للقانون أو إشراف لمؤسسات، بل ولم تعترف بالدستور برمته فانحرفت عن قواعد الدولة المتفق عليها وخرجت عن حياضها، وبنت لها قواعدها الخاصة ورفعت البناء وتمددت إلى خارج الحدود والأخطر أنها جرت معها جماعة كبيرة، وسحبتهم معها خارج إطار الدولة مستغلة كرم «الرعاية» أسوأ استغلال للأسف، إذ ظناً منها أنها دعوة مفتوحة دون ضوابط، ناسية أن تلك الضوابط قبل أن تلزمها فإنها تلزم جلالة الملك بحفظها وحمايتها.
فكان بناؤها المنحرف خطراً وصل تهديده إلى التهديد بسقوط الكيان برمته على رأس الجميع وشكل خطراً على الدول المجاورة في ظرف تسعى هذه الدولة لحماية كياناتها وأمنها من تهديدات خارجية، مما استلزم ممارسة جلالة الملك لاختصاصه ومهامه ومسؤوليته بحفظ وحماية الدستور والقانون حماية لكيان الدولة.
ما يدعونا للفخر أن اللجوء للأدوات الدستورية هو طريقنا في حماية مكتسباتنا، فكان تصحيح المسار حكماً قضائياً، ومن ثم جاءت القرارات ضمن اختصاصات الوزارات والهيئات كأدوات دستورية سليمة نرتهن لها ونلتزم بقبولها، هذا الذي يجب أن نراهن عليه للمستقبل وهذا الذي يجب أن نفاخر به كمكتسب، نقيس تصحيح مسارنا بمدى التزامنا بالأدوات الدستورية، ونقيس حجم الانحرافات التي حدثت طوال الخمسة عشر عاماً الماضية بمدى إخلالها بالأدوات الدستورية، وبناء على هذا القياس فإننا ملزمون جميعاً لا جلالة الملك وحده بحفظ وحماية الدستور، ونحن مازلنا في بداية تصحيح المسار، فالأبنية المنحرفة عن القانون والدستور حدث ولا حرج.
فمن قبل بالتصحيح أهلاً وسهلاً به في دولة القانون، ومن هو غير قابل بالتصحيح فلابد من قلع بنائه المنحرف من جذوره -بالقانون- لنبني من جديد دولة يرعى فيها جلالة الملك الحقوق والحريات للأفراد والمؤسسات والهيئات، ويحمي فيها جلالة الملك الدستور والقانون.